أخبار محلية

النائب الدكتور بلال الحشيمي: صورة الطلاب على البلاط إنذار خطير… والتفرّغ والموازنات ضرورة لإنقاذ التربية

إنّ المشهد الذي انتشر لطلاب الجامعة اللبنانية الجالسين على البلاط داخل القاعات لمتابعة محاضراتهم هو أبلغ إدانة للسلطة. هؤلاء الشباب الذين يصرّون على متابعة تعليمهم رغم إذلال الظروف لم يطلبوا المستحيل، بل مقعداً جامعياً يليق بكرامتهم ومستقبلاً يليق بتضحيات أهاليهم. إنّ جلوس الطلاب على البلاط هو رسالة وجدان إلى الدولة بأن التعليم الرسمي ينهار أمام أعينها.

ورغم هذه الصورة القاسية، لا يمكن أن نغفل شكر وتقدير رئيس الجامعة اللبنانية، والأساتذة، والموظفين والإداريين، ملاكاً ومتعاقدين، الذين وقفوا وصمدوا مع الجامعة، وحافظوا على استمراريتها رغم شحّ الموارد وظروف الانهيار. هؤلاء يشكّلون العمود الفقري الحقيقي الذي يمنع سقوط هذه المؤسسة الوطنية بالكامل.
لكنّ الحل ليس معجزة. البداية واضحة: تمويل مضاعف للجامعة اللبنانية. من دون دعم مالي عادل لا يمكن الحديث عن قاعات جديدة، أو شعب إضافية، أو تجهيزات، أو قدرة على استيعاب الأعداد المتزايدة من الطلاب الذين لجأوا إلى الجامعة الوطنية بعدما أصبحت الجامعات الخاصة خارج متناولهم.
لقد أثبتت الجامعة اللبنانية أنّها قادرة على الصمود والتفوّق رغم قلّة الإمكانات. فقد حصلت على تقييمات مميزة عربياً وعالمياً، وحققت إنجازات أكاديمية وبحثية بموازنة متواضعة جداً. فكيف سيكون حالها إذا مُنحت ما تستحقه من دعم مالي ولوجستي؟ بالتأكيد ستتحول إلى صرح أكاديمي رائد في المنطقة.
وإلى جانب التمويل، يبقى ملف التفرّغ أخطر أزمات الجامعة. هذا الملف مجمّد منذ العام 2014، أي منذ أكثر من 11 سنة، فيما أكثر من 80% من أساتذة الجامعة ما زالوا متعاقدين بلا استقرار وظيفي، بلا ضمانات، وبلا حقوق كاملة. التفرّغ ليس مطلباً قطاعياً، بل هو شرط أساسي لاستنهاض الجامعة وإعادة الثقة بها.
الأزمة لا تتوقف هنا. فوزارة التربية نفسها تعاني من شلل إداري، حيث تتأخر معاملات ومعادلات الشهادات لأشهر طويلة – ثلاثة، ستة، وحتى عشرة أشهر – بسبب نقص الموظفين وتردّي الرواتب. وهذه الوزارة، التي تلامس حياة كل بيت لبناني، تحتاج إلى خطة إنعاش شاملة تعيد إليها حيويتها وتخفف الأعباء عن المواطنين.
وفي المقابل، تُهدر أموال طائلة على مجالس وهيئات ومستشارين، فيما الأساتذة والموظفون يُتركون بلا حقوق. العدالة الوظيفية غائبة، والفوارق الصارخة في الرواتب صارت جرحاً مفتوحاً في جسد الدولة.
وختم النائب الدكتور بلال الحشيمي بالقول:
“طلابنا على البلاط، أساتذتنا بلا تفرّغ منذ 11 سنة، أهالينا ينتظرون معاملات التربية لأشهر طويلة… هذا المشهد لا يليق بلبنان. المطلوب قرار وطني شجاع: تمويل مضاعف للجامعة اللبنانية، إقرار ملف التفرّغ، تشعيب فعلي يخفف الاكتظاظ، وزيادة موازنة وزارة التربية. التعليم الرسمي قضية وطنية، ومن يضيّعها يضيّع لبنان كله. لم يعد مقبولاً أن يبقى مستقبل أبنائنا رهينة المزايدات السياسية. من لا يتحمّل المسؤولية اليوم سيكون شريكاً في ضياع أجيال بأكملها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى