أخبار محلية

الحشيمي: لا خيار لنا إلا الدولة

صدر عن النائب الدكتور بلال الحشيمي البيان الآتي:

بين الانهيار والنهوض… السلاح لا يُنقذ الدولة

في ضوء ما شهده لبنان مؤخرًا من تطورات سياسية وأمنية عقب الحرب مع الكيان الإسرائيلي، وفي أعقاب الجلسة الأخيرة لمجلس الوزراء التي شكّلت لحظة مفصلية في مسار استعادة القرار الوطني، أؤكد للرأي العام اللبناني موقفي التالي:
لقد شكّل القرار الصادر عن مجلس الوزراء بتكليف الجيش اللبناني إعداد خطة لحصر السلاح بيد الدولة، خلال مهلة تنتهي مع نهاية العام، خطوة مسؤولة وجريئة. إنها المرة الأولى التي يُحمّل فيها الجيش اللبناني، كمؤسسة وطنية جامعة وشرعية، مسؤولية مباشرة في هذا الملف الحساس، بعد أن بقي سنوات طويلة رهينة التسويات والمماطلات. كما أن عدم إحالة هذا الملف إلى المجلس الأعلى للدفاع، وعدم الالتفاف عليه عبر لجان شكلية أو استشارات فضفاضة، يؤكد جدّية الحكومة في إعادة الاعتبار للدولة وسلطتها الحصرية على السلاح والقرار. إن المطلوب اليوم هو دعم الجيش اللبناني في مهمته، سياسيًا وشعبيًا، بدلًا من حصاره بالتشكيك أو تحميله وزر سنوات من التراخي والانهيار.
وفي المقابل، لا يمكن الحديث عن سيادة حقيقية ما دامت هناك أراضٍ لبنانية محتلة. فإسرائيل لا تزال تحتل مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وقد وسّعت هذا الاحتلال خلال الحرب الأخيرة، عبر فرض سيطرتها على خمس نقاط جديدة داخل الأراضي اللبنانية، في خرق صارخ للقرار 1701 ولسيادتنا الوطنية، وسط صمت دولي مريب. من هنا، أدعو باسم الشعب اللبناني، ومن تحت قبة البرلمان، إلى موقف وطني موحّد من جميع الكتل النيابية والقوى السياسية، للتأكيد أن الشعب اللبناني مجتمع على رفض الاحتلال وعلى استعادة كامل حقوقه. كما أدعو إلى تحرك دبلوماسي عاجل من قبل الحكومة اللبنانية لدى الأمم المتحدة والدول الراعية لوقف إطلاق النار، للمطالبة بانسحاب فوري وكامل من الأراضي المحتلة، وإلى المباشرة بترسيم الحدود البرّية على غرار ما جرى في ملف ترسيم الحدود البحرية. فالسيادة لا تتجزأ، ولا تُستعاد بالخطابات، بل بالقرارات الحازمة والمتكاملة.
أما في ما يخصّ الهجوم على رئيس الحكومة القاضي نواف سلام، فهو موقف غير مبرّر وغير منصف. الرجل لم يناور، ولم يزايد، ولم يتلطَّ خلف الشعبويات، بل قال الحقيقة كما هي: دولة على وشك الانهيار، وسلطة تحتاج إلى إعادة بناء ثقة الناس. تصريحاته لم تكن تحريضًا، بل تحذيرًا صادقًا؛ لم تكن تهويلًا، بل مكاشفة مسؤولة. وهو بذلك يستحق التقدير لا الهجوم.
إن ما جرى في مجلس الوزراء ليس مجرد بند تقني أو شكلي، بل لحظة تأسيسية حقيقية يجب عدم التفريط بها. من هنا، أدعو جميع القوى السياسية إلى التوقف عن الخطابات الشعبوية، وإلى الاصطفاف خلف مشروع الدولة الواحدة، السلاح الواحد، والمرجعية الواحدة. فإما أن نستثمر هذه الفرصة التاريخية لإنقاذ لبنان، أو نُكرّس واقع الانهيار والتفكك.

ولا خيار لنا إلا الدولة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى