معظم الأشخاص لم يسمعوا سابقا بشركة “غايم ستوب” (GameStop) لألعاب الفيديو، لكنها معروفة جيدا لدى محبي هذه الألعاب. إلا أن هذه الشركة لم تقدم نموذجا مشجعا في الآونة الأخيرة، مقابل الشركات الأخرى المنافسة لها: فبعد أن كان قيمة السهم حوالي 56 دولارا في العام 2012، وصل إلى 5 دولارات في العام 2019، وكانت الشركة تنوي إغلاق مئات من متاجرها خلال العام 2021. إذا نحن أمام شركة تصارع للاستمرار ولم تكن تتوقع ما سيحدث معها.
البيع على المكشوف
هذه الشركات المتعثرة تجذب صناديق الاستثمارات الكبيرة، في عملية تعرف بالأسواق المالية “بالبيع على المكشوف”. يقوم هذا المبدأ على قيام أحد المستثمرين باستعارة أسهم، ثم بيعها في السوق مراهنا على انخفاض سعرها، ليقوم بشرائها مجددا بسعر منخفض وإعادتها إلى مالكها الأصلي.
هذه العمليات الشائعة تمكن المستثمر من تحقيق أرباح، يكون عبارة عن فارق السعر بين البيع والشراء.
فعلى سبيل المثال، إذا قام أحد باستعارة أسهم وبيعها على سعر 10 دولارات، وانخفض سعر السهم إلى 4 دولارات وقام بشرائه مجددا، يكون قد تمكن من ربح 6 دولارات التي تشكل الفارق بين سعر البيع وسعر الشراء.
إلى ذلك، تدرك الشركات الكبيرة أن صغار المستثمرين عادة ما يقوموا باتباع خطواتها خوفا على أسهمهم، وهذا ما يمكنهم من كسب رهاناتهم بانخفاض أسهم شركة معينة. فعندما يقوم الجميع ببيع أسهم هذه الشركة، سينخفض حكما سعر الأسهم وسيتمكن المستثمرين الكبار من إعادة شرائها محققين أرباح كبيرة.
لكن، إذا خالفت الأسعار توقعات المراهنين (وفي هذه العملية ارتفع سعر السهم لسبب ما)، فإن هؤلاء سيتعرضون لخسائر كبيرة.
روبن هود الأسواق المالية
ما حصل مع شركة “غايم ستوب”، أن شركات الاستثمارات قررت، وعلى عادتها، القيام بعملية “البيع على المكشوف” لكسب الأرباح… لكن الرياح لم تجر كما تشتهي سفنهم.
فهذه المرة، قررت مجموعة على موقع “رديت” (reddit)، ضمن منصة لصغار المستثمرين والهواة اسمها “وول ستريت بتس” تضم حوالي 6 مليون شخص، بتحدي الصناديق الكبيرة وقاموا بتشجيع بعضهم البعض على شراء أسهم الشركة كي لا تنخفض أسعارها.
ورغم أن معظم هؤلاء لم يشتروا أسهما سوى بمبالغ زهيدة (بضع مئات الدولارات)، إلا أن الأعداد الكبيرة التي لبت هذا النداء مكن سعر شركة “غايم ستوب” من القفز بشكل مفاجئ من أقل 18 دولارا ليتخطى عتبة الـ400 دولار خلال أيام فقط. قفزة خيالية في عالم المال!
حاولت الصناديق التي راهنت على انخفاض قيمة سهم “غايم ستوب” إلى إعادة شراء أسهم للحد من خسائرها، ما تسبب بـ”تصفية قسرية” أدت بدورها إلى ارتفاع السعر. خسائر هذه الشركات قدرت حتى الآن بحوالي 19 مليار دولار.
لكن اللعبة لم تنتهي. فلقد اكتسب رواد موقع “رديت” زخما قويا ويحاولون الآن كسر الصناديق الكبيرة في مضاربات أخرى يقومون بها. لكن منصات عدة اضطرت إلى تعليق عمليات التداول بشكل موقت لتجنب حدوث خضة مالية أخرى.
أحد رواد موقع “رديت” شرح لماذا يقومون بهذه المواجهة مع الشركات الكبرى قائلا: “بسبب جميع حالات الركود التي تسببوا بها، مما تسبب بخسارة عدد كبير من الوظائف والمنازل. من أجل جميع الأشخاص الذين لا يستطيعون دفع تكاليف الدراسة الجامعية لأن الحد الأدنى للأجور متدن بينما أصبحت وول ستريت غنية. وردا على كل مرة تم فيها إنقاذهم بأموال الضرائب الخاصة بنا بينما لم نحصل على شيء منها”.
المصدر : ملحق