*شؤون تهمّ الموحدين*
_الحلقة 1 من سلسلة حلقات بعنوان “معرفة الأصول”_
دانيل عبد الخالق – 15 ك٢ 2019
تزداد موجة المباهاة عند بعض أبناء بني معروف على مواقع التواصل الإجتماعي، مباهاة بما يسمّونه “دين العقل” ويعتبرون أن انتسابهم الى دين العقل يُعطيهم علوّ الدرجة او سموّ المنزلة بين باقي المذاهب والأديان، لذلك ارتأيت أن أوضح اختصارا حقيقة هذا الأمر من الباب الديني حرصا عليها من الضياع بين سندان المشاعر ومطرقة المفتنين بين الطوائف:
– *اولا:* إن مسلك التوحيد هو مذهب من المذاهب الإسلامية وليس دينا منفصلا، له خصوصياته التي نتجت عن عدة عوامل لا مكان هنا لذكرها، لكن هذه الخصوصيات قطعا وجزما ناتجة عن فهم وتفسير خاص للقرآن الكريم وليس من أي مكان آخر، وبالتالي فإن الإختلاف مع باقي المذاهب الإسلامية هو تحت سقف القرآن الكريم وليس خارجه أبدا.
– *ثانيا:* ان تمسكنا بدور العقل في فهم الدين ووزْن أمور الدين والدنيا مصدره اسلاميّ حصرا وليس أي مصدر آخر إنما قد يلتقي مع مصادر أخرى كالفلسفات والحضارات القديمة. ومصدرنا الإسلامي هو الحديث القدسيّ (وهو حديث لا يتفق على صحّته وتفسيره كل المسلمين فيتفاوت رأيهم فيه): _أول ما خلق الله العقل، فقال له: أقبل فأقبل، ثم قال له: أدبر فأدبر، ثم قال الله عز وجل وعزتي وجلالي ما خلقت أكرم منك، بك آخذ وبك أعطي وبك أثيب وبك أعاقب”_(ورغم أن الإمام الغزالي ذكره في كتابه “إحياء علوم الدين” الا أن الشيخ ابن تيميه اعتبره ضعيفا)، وعن البراء ابن عازب ر: _كثرت المسائل يوماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال “يا أيها الناس إن لكل شيء مطية ومطية المرء العقل وأحسنكم دلالة ومعرفة بالحجة أفضلكم عقلاً”_. وبالتالي يا اخواني فإن إعلائنا لشأن العقل هو بفضل فهمنا الخاص للإسلام وسيرة النبي عليه الصلاة والسلام فأين الحكمة في المفاخرة على باقي المسلمين بعدّة الإسلام نفسه؟ خصوصا وأننا كموحدين قلنا بصحة هذا الحديث استنادا الى أن عشرات الآيات الكريمة تنتهي بحض الناس على إعمال العقل : أفلا يعقلون.. افلا يتدبرون…
عذرا إن أطلت عليكم لكن بغيتي هي تبيان أصول الأمور علّنا نصل جميعا الى مرحلة راقية يحق لنا فعلا أن نفاخر غيرنا بها وهي أن يصبح الدين مُعينا ونصيرا لنا على شرور أنفسنا بدلا من أن نجعلة طريقة نتوسّل بها اقصاء الآخر وهزيمته فكريا أو معنويا أو جسديا.