في قمّة الوجدان الإنساني يحضر الإمام المغيّب الرؤيوي
موسى الصدر ” الذي يجسد بقامته الطويلة كل قيم” المشاركة والحوار والاعتراف بالآخر ، وهو الذي أراد أن يكون وطنه لبنان هو المصداق على صحّة أطروحته في تحقيق العدالة الاقتصداية والاجتماعية والسياسية حتى غدت تعاليمه هي الحلم المستدام التحقق
أربعون عاما ًمضت على تغييب سيد المقاومة الإمام الصدر الغزير كنهر الليطاني، وصاحب الجبين الناصع كبياض جبل الشيخ، والجبة والعمامة الراعدة كالجنوب المقاوم ، الشجاع في مقارعة ” اسرائيل” وشرورها المطلقة، والمتدفق بحبه لوطنه لبنان في ظل وحدته الوطنية، وصاحب الجعبة التي فيها ما يكفي من الثوابت لـ ينهل من زادها كل اللبنانيين.
إنه إمام الوطن يوم أخفقت السياسات المركزية في توزيع الثروات والحرمان بـ عدالة بين الطوائف لذلك يخطىء من يظن أن الإمام الصدر
كان عراب استنهاض الشيعة في لبنان والواقع أنه عرّاب استنهاض المحرومين كل المحرومين بصرف النظر عن انتماءاتهم الطائفية
و إنما من منطلق الحفاظ على الكرامة الإنسانية وخدمة الإنسان ونبذ الاتكالية والبدء بالنفس لتكون قدوة للآخرين ، وهو الذي يشبه الخير بالنور للدلالة على قابليته للانتشار والاقتداء به، والداعي إلى رفع كل اشكال الحرمان و الغبن المتروكين على قارعة الحرمان الاقتصادي، قبل ان يستخلص بأن الدين هو الصلاح في العمل واللسان والقلب والسيرة، فلا مناص ، برأي الإمام الصدر من المصالحة مع الدين و ربطه بعملية التغيير سيّما وأن الله أنزل الأديان لصناعة أوتاد التضامن والتعايش الإسلامي و المسيحي.
آمن بلبنان وطنًا نهائيًا لجميع أبنائه، بل وجد فيه رسالة حضارية يجب التمسك بها. وأحبّ أن يقدّمه نموذجاً
للبشرية ، وفي سياق آخر يذكّر بهوية الوطن الذي يؤمن به لبنان الواحد الموحد النهائي السيد المستقل، العربي والمقاوم .
اليوم وفي ظل الحديث عن القمة الاقتصادية العربية يطل الإمام الصدر بقامته الكبيرة، وبيديه اللتين باعدتا الخوف والحرمان، وتملّك اللبنانيين أجيالا.
ولأن الإمام المغيًب قد نبًه أبناء وطنه بأن الصمت والسكوت عن الحق خرس مضن، ترتفع اليوم الأصوات مطالبة بعدم السماح للوفد الليبي المشاركة في القمة المذكورة ، كاسرين كل محاولات التطبيع مع ليبيا التي تتحمل وحدها دون غيرها مسألة تغييب الإمام الصدر على أراضيها، وتمسكهم بهذه القضية المقدسة وعدم السماح بالمتاجرة بها، أو على حسابها.
أنه من المعيب جداً على السلطات الرسمية في لبنان إدارة الظهر لقضية الإمام المغيًب ، أو اعتبارها مجرد ملف عادي يمكن معالجته لاحقاً .
فالواجب الوطني يفرض على اللبنانيين بمختلف انتماءاتهم المذهبية والطائفية ومشاربهم السياسية الأخذ بعين الاعتبار موقف المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الذي يرفض مشاركة الوفد الليبي في القمة الاقتصادية العربية المزعومة والذي ينطلق موقفه من ثابتة تاريخية وحيدة و هي تعيدنا بالذاكرة إلى يوم انتشار خبر اخفاء سماحة الإمام ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين في العام 1978، حيث ًكان موقف قيادة حركة أمل والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى وكل لبنان: تحرير الامام و رفيقيه وتحميل مسؤولية اخفائهم لمعمر القذافي ونظامه. واليوم وبعد 40 عاماً، مازال الموقف هو هو، لم يتغير، ولن يتغير، إضافة إلى موقف حزب الله، وشريحة كبيرة من اللبنانيين بجميع فئاتهم وطوائفهم.
إن قضية تغييب الإمام الصدر تضع اللبنانيين اليوم ركثر من أي وقت مضى أمام امتحان المسؤولية الوطنية بـ أسئلة في العمق، و أجوبة على أسئلة تتصل بالوجود والمصير، وتستند إلى العقل والمنطق والكرامة والأخلاق.. فالمسؤولية الآن بحجم وطن، وربما أكبر
زر الذهاب إلى الأعلى