كل المعطيات تشير إلى اقتراب تسوية يتمّ التحضير لها في إطار العودة العربية إلى سوريا بدأت مع فتح السفارات الخليجية في العاصمة السورية وزيارات عدد من الرؤساء وما يتمّ الحديث عنه من اقتراب فتح السفارة السعودية في دمشق قبل نهاية الشهر الحالي.
لكن لا يبدو أن عناصرهذا الانفتاح العربي اكتملت لبنانياً، فثمّة من يلوّح بورقة رفض التطبيع مع دمشق ومسايرة موجة الانفتاح، وهؤلاء هم أخصام سوريا المتمترسون بالرفض حتى إشعار آخر، في حين أن فريقاً واسعاً من فريق 8 آذار يتضمّن الحلفاء والتيار الوطني الحر ورئاسة الجمهورية يتطلّع إلى إحداث خرق في العلاقة المتجمّدة مع سوريا .
من جهة تكتل لبنان القوي هناك إصرار على تحريك الجمود في العلاقة، ورئيس التيار جبران باسيل ذاهب للانفتاح بقوّة حيث تشير المعلومات عن تحرّك الأخير وقيامه باتصالات مع وزراء الخارجية العرب لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية من بوابّة القمة الاقتصادية في بيروت في 19 الشهر الجاري.
من جهة رئيس الحكومة المكلّف لا توجد إشارات إيجابية في هذا الصدد ولكن لا يوجد الكثير من السلبية في التعاطي مع هذه المسألة،الأرجح أن الرئيس سعد الحريري في مرحلة انتظار حدث ما قد يكون الموقف السعودي وما يُحكى عن فتح السفارة السعودية في دمشق، أو ربما يكون مرتبطاً بتطوّرات حكومية معينة، إلا أن الحريري يخضع حالياً لاختبار طرح عودة سوريا إلى الجامعة من البوابة اللبنانية الذي يتفاعل في الكواليس .
وإذا كان أي موقف واضح لم يصدر بعد من جهة الحريري الذي يلتزم التهدئة مع الجانب السوري مترقّباً الموقف العربي وسياق الأحداث ومعوّلاً على سياسة النأي بالنفس فإن بعض نوّاب المستقبل بدأوا التموضع تمهيداً للمرحلة الانتقالية المقبلة، ولا تخفي قيادات المستقبل عدم ممانعتها بتفعيل العلاقة الاقتصادية والتجارية بين البلدين وقد دلّت مؤشرات كثيرة على مباشرة رجال أعمال من خارج محور 8 آذارعملية الانخراط في عملية الإعمار واللحاق بمصالحهم التجارية.
بالمقابل يبدو واضحاًأن أخصام سوريا من فريق 14 آذار والمتشددين فيه رافضون للتسوية العربية السورية، توحي مواقف هؤلاء أنهم “غير مستعجلين” أو متحمسين للعودة بعد. في هذا الإطار أتى تصعيد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الأخير وربطه التعثّر الحكومي بحملة مبرمجة من أبواق النظام السوري لتعطيل الحكومة، فجنبلاط من الرافضين لأي علاقة بالنظام السوري ويصرّعلى إبقاء لبنان خارج إطار التوجّه العربي بإعادة تفعيل العلاقة السياسية والديبلوماسية معها. رئيس حزب القوات سمير جعجع أقرب إلى وليد بيك من أي فريق آخر في شأن إحياء العلاقة اللبنانية السورية وركوب موجة الانفتاح العربي.
مؤخراً كشفت اللائحة الاتهامية التي صدرت عن هيئة مكافحة تمويل الإرهاب وتضمّنت أسماء قيادات سياسية لبنانية منها الحريري وجنبلاط وجعجع أن الجانب السوري ليس مستعداً لمسايرة أحد أو لاستعطاف موقف سياسي، الموقف السوري يبدو متطابقاً لموقف أخصام الخط السوري فهؤلاء لا يعترفون حتى اليوم بأن النظام السوري صارأقوى وانتصر على الإرهاب وأنهم باتوا في المرتبة الثانية بعد هزيمة الفصائل المسلحة في سوريا.
بين سوريا وأخصامها في لبنان تاريخ طويل من الصراع بدأ من اغتيال الرئيس سعد الحريري وهو يخفت ويعلو كل فترة وفق المتغيرات، ويصعب القول اليوم من سيتراجع أولاً الفريق السوري الذي ينقل عنه بعد انتهاء الحرب أنه لم يعد بحاجة لأحد أو أخصام سوريا ممن يجب أن يقتنعوا أن سوريا الأسد عادت أو ستعود إلى ما كانت عليه قبل العام 2011
زر الذهاب إلى الأعلى