تطغى القمّة العربيّة التنمويّة الاقتصادية على أجواء العاصمة بيروت، في حين أن الأنظار تتّجه إلى حجم المشاركة العربية ونوعيته.
يستكمل لبنان استعداداته لاستضافة هذه القمة التي يراهن عليها كثيراً، خصوصاً أن هذا الحدث يُعتبر من الأكبر عربياً قبل انعقاد القمة العربية.
وتأتي أهمية هذه القمة بالنسبة للبنان لأنها تكرّس منطق إنهاء المقاطعة العربية والخليجية لبيروت بعد التباعد الذي حصل في فترات سابقة وأدى الى امتعاض خليجيّ من بعض القرارات اللبنانية.
وقد ذهب بعض القادة العرب في إعتبار لبنان بلد حليف لإيران وأن “حزب الله” هو من يسيطر على قراره، خصوصاً بعد الخطابات النارية للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله ومهاجمته بشكل دائم المملكة العربية السعوديّة وإتهامها بمحاربة الشعب اليمني وإبادته.
وأمام هذه الوقائع يؤكّد المنظمون أن كلّ التحضيرات باتت جاهزة ولبنان يستعدّ لاستضافة المدعوّين بشكل يليق بهم، ومعروف عن بيروت أنها تنظّم القمم الناجحة، وكلّ ما يُحكى عن مشاكل لوجستية أو إدارية غير صحيح وغير واقعي ولا يمتّإلى الحقيقة بصلة.
أما الأساس في القمّة فهو المشاركة السياسية، إذ إن هناك عدداً من القادة العرب قد يشاركون شخصياً وأبرزهم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وأمير قطر تميم بن حمد إضافة إلى عدد من القادة، وهذا الأمر يُعطي جرعة دعم ولو معنوية للبنان ويساعده في تخطّي المحن التي يمرّ بها.
وتبقى العقدة الأساس هي مشاركة النظام السوري في القمّة، وهذا الأمر هو مدار جدل بين اللبنانيين بين فريق “حزب الله” وحلفائه الذي يطالب بدعوة سوريا إلى القمة، وفريق تيار “المستقبل” و”القوات اللبنانية” والحزب “التقدمي الإشتراكي” الذي يرفض مثل هكذا دعوة.
والحقيقة الراسخة أن لبنان لا يمكنه أن يأخذ موقفاً منفرداً بدعوة سوريا إلى القمّة لأن الدعوات تصدر عن جامعة الدول العربية، وبما أن الجامعة لا تنوي دعوة دمشق، فإن هذا الأمر غير متاح للبنان حتى لو لم يُسبّب ذلك أزمة لبنانية داخلية. كما أن حضور سوريا من دون إجماع عربي يعني أن الدول العربية ستقاطع القمّة وبالتالي سيكون مصيرها الفشل.
لكن السؤال الأكبر هو هل سيضغط “حزب الله” بعد إنتهاء القمّة من أجل الانفتاح الكامل على النظام السوري، خصوصاً أنّ الحكومة في حال تشكّلت ستواجه مثل هكذا استحقاق.
وما يزيد مبرّرات مطالبات الحزب وحلفائه هو موجة الانفتاح العربي على دمشق وفتح السفارات، ما يدلّ على أن التغيّر في السياسات العربية قادم لا محال.
وهنا لا بدّ من إعادة إحياء منطق “النأي بالنفس” لدى قوى “14 آذار” لكي لا تتفادى الإحراج، لكن المعلوم أن أي خطوة لبنانية يجب أن تأتي متناسقة مع السياسات العربية لأن وضع لبنان حسّاس ولا يحتمل أي خضّة كانت، كما أن التوازنات السياسية هي من تتحكّم بالبلاد وتلك التوازنات مرتبطة بالخارج والمحيط.
زر الذهاب إلى الأعلى