مقالات صحفية

“لبنان وسلام الداخل” بقلم الدكتور انطون حداد

ما يتمناه اللبنانيون حصل ولبنان الى قوة النظام والامن وصل.
انتخبت الرياس وسدت الفراغات الرئاسية والأهم انه اعتبر إنجازا” أميركيا” عربيا” دوليا” بامتياز، وخاصة في جانبه الفاضح بانتخاب القاضي نواف سلام على رأس السلطة التنفيذية واعتباره حصان السبق أو “فلتة الشوط” لدخوله الى الساحة السياسية على غفلة ساعات كانت فاصلة أمام “التوافقي” تمام سلام على قاعدة الترقيع في إيصال النكرة أو الحيادي من الشخصيات اللا صدامية في الرئاسات تحديدا”، وبهذا تكون البروباغندا الاحتفالية الغربية بادعاء الانتصار بانتخاب رئيس الجمهورية الداخل الى القصر الجمهوري بعد معموديتة الوطنية في الخدمة العسكرية وقيادة الجيش حيث أظهر وعيا” وفهما” وطنيا” للواقع اللبناني، إن الداخلي أو في ما وراء الحدود ووجود عدو لم يتوقف يوما” عن الاعتداء على لبنان إلا مع وجود مقاومة تحرر وتحمي.
رفض الجنرال الانقضاص على المقاومة أثناء قيادته بطلب اميركي أطلسي عندما همسوا في أذنه يوم انتكست المقاومة وضربت بقادتها وأجاب :” بأنني لا اريد ولا أقدر” من هنا كان ادعاء الانتصار الغربي الاميركي والداخلي “السيادي” كاذبا” محاولا” تظهير ما حصل في حرب ال66 يوما” بأنه هزيمة ساحقة للمقاومة مهد له بحملات اعلامية شعواء وأبواق مأجورة لترسيخ صورة مشوهة عن الحقيقة.
أن المقاومة تلقت ضربة موجعة أو خسرت جولة بعد سلسلة جولات منتصرة وبالتالي فالانتصار _ الادعاء اليهودي الاميركي العربي السيادوي بالانتصار قد يثبت بانتخاب الرئيس عون كأحد المؤشرات. لكن أظهرت مواقفه المقاومة للضغوطات الهائلة خارجيا” وداخليا” التي حالت دون تحقيق أهداف هؤلاء .وتشكل مواقف المبعوث براك حديثا” المستاءة علنا” من برود وبطء تحركه في موضوع نزع سلاح المقاومة وبرده الصريح ب:” أنه لا يمكن ان يتم نزع سلاح المقاومة بالقوة” شكل ضربة قاسمة للغرور الاميركي وأذنابه ودليل دامغ أن انتصار اسرائيل أو هزيمة المقاومة أمر مبالغ فيه.
لا يلغي ذلك ما لفخامة الرئيس المواقف أو “السقطات” الوطنية تارة بمماشاة الخطاب السائد، وطورا” بمواقف لم تعد مألوفة منذ إسقاط إتفاق 17 أيار بإعلانه في القمة العربية الطارئة حين خاطب العدو:” أننا مستعدون للسلام أن كانت اسرائيل مستعدة” وإن يكن بالإمكان قراءتها من باب مخاطبة عدو يجاهر بعدوانيته على مستوى المنطقة وصولا” الى الصين على قاعدة إحراجه.
قد يتبادر للبعص القول أن تكليف أو تشكيل نواف سلام للحكومة وبالشكل الذي حصل ترجم انتصار العدو على المقاومة. قد يكون هذا صحيحا” لو كان نواف سلام مرشحا” واضحا” وصريحا” والكل يعرف أن تمام سلام كان قبل بدء التسميات المرشح الاوحد وكما قلنا وصل بسرقة، بخدعة (سمها ما شئت) فاجأت رئيس الجمهورية نفسه والرئيس بري مهندس الانتخابات برمتها.
كان بإمكان الفريق المقاوم تعطيلها في حال اعتبر انتخاب رئيس البلاد هزيمة له وهذا يجافي الحقيقة.
وتجدر الاشارة الى أن المقاومة وسيدها كانت دوما” في عز انتصاراتها تترك هامشا” يشعر أخصامها أو أعداءها انهم منتصرون،أو غير مهزومين وخاصة في الشأنين الانتخابي والسياسي.
ما دفعنا الى إعادة فتح هذا الملف هو أن رئيس الحكومة تمام سلام ومنذ استلام منصبه يطالب ويضغط لنزع سلاح المقاومة، ولم يشعر بوجود الاحتلال لبعض مناطق الجنوب أو بالاعتداءات الاسرائيلية اليومية والتدمير الممنهج لحياة أبناء المناطق الحدودية خاصة.
كأن لبنان أصبح بخير ولم يعد هنالك أزمة مديونية أو أزمات مصرفية أو عادت أموال المودعين الى أصحابها ، ولم يعد هنالك تدخل أجنبي بعدما ساعدتنا اميركا والغرب والدول العربية واسرائيل في إبعاد النفوذ الايراني وبعدما حجبت مساعداته المالية والعينية بالكامل، على الاقل بالطرق “الشرعية”!! .
عام مر على استشهاد من شارك وخطط وقاد عملية تحرير لبنان من العدو المحتل عام 2000 بعد ثمانية عشر عاما” من النضال والسهر والعمليات النوعية والاستشهادية أعادت لنا ارضا” وكرامة” في وطن لم يعرف الامن ولا السلام إذ تزامنت ولادته مع زرع السرطان العبري على حدوده مع وعد بلفور المشؤوم .
في حين كان القاضي نواف سلام يصول ويجول لتأمين مستقبل أفضل وحياة رفاهية ونجاح شخصي يهنأ به، مع أنه صاحب إرث يغنيه عن السفر من بلد باع أسلافه الاف الهكتارات من الاراضي في فلسطين التي ردت عليهم الاف قطع النقد الذهبية.
من الواضح أن القاضي او المدعي العام لا يحب التاريخ، أو انه كان منغمسا” في القضايا القانونية أو الخاصة وأحتلت كل وقته ولم يسمع أن السيد نصرالله ومعه، ومن قبله وبعده، قوائم تطول من القادة والابطال الذين إن لم يستشهدوا في سبيل هذه الارض وصونها حرة، فإنهم قضوا عقودا” من الصراع والتعب والكد فوق الارض وتحت الارض التي عشقوها وكان السيد سيد قادة هذه الطلائع ، مقيما” تحت سابع دور تحت الارض ساهرا” على قيادة المقاومة ضد العدو على الحدود ومطفئا” لحروب داخلية ارادها أعوان هذا العدو صونا” لدولة أو منصبا” أو مكسبا” ما كان لا نواف ولا لسواه أن يجلس على رئاسة حكومتها لولاها.
هل الكراسي تنسي ؟؟!!!
سؤال شرعي في وجه من احتفى بالامس في عرس إعلامي عالمي مشوه للواقع ادعى أن للمدعي العام نواف سلام الفضل في استصدار مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء اليهودي نتنياهو. مع العلم أن مندوب جنوب افريقيا من لاقى الضغوط والتهديد والشتائم لأجل ذلك.
وطالما استصدر أو كان مشاركا” في استصدار قرار أممي بحق مجرم أخطر جرائمه ومفخرته أنه نال شرف قتل السيد حسن نصرالله . وهذا الاخير منع العدو طوال عقدين من الزمن من التقدم مترا” واحدا” في لبنان بعد أن تلقى جيشه هزيمة نكراء في عدوان تموز 2006.
ألا يحق لهذا القائد الذي احتفى به العالم وأصبح رمزا” عربيا” وعالميا” باعتراف اعدائه حتى في الكيان اليهودي ذاته . وقد تغنت وتفننت صحافتهم وتلفزتهم في مدح خصاله ومواهبه حتى أنهم اعتبروه أصدق من كل ساستهم وتملكهم الشغف لسماع خطبه لموهبته وصدقه… ألا يستحق أن يعلن يوم استشهاده يوما” وطنيا”!!!
يا دولة الرئيس لماذا هذا الغلو في موقفك؟
إذا كنا لا نلمك على موقفك من نزع السلاح كوفاء لمن نصبوك وتفهما” لطبيعة ضعف موقفك الشخصي أو كرئيس دولة قزمة( لبنان وامثاله من اشباه الدول على مساحة العالم لا مكان لهم في عالم السياسة والواقعية القائم على القوة حيث تبتلع كالاسماك الصغيرة ووجودها وظيفي…) تتعرض دوما” للضغوط والابتزاز وليس آخرها إقفال بعض المصارف بالقوة( بنك الجمال) ومن ثم أمر سحب النقد الاجنبي وإقفال المصارف أمام أصحاب الحقوق والمواطنين الذين ما زالوا يذلون لنيل بعض حقوقهم.
لكن أن تقف أمام شعب مقاوم مكلوم بفقدان قائد وخطيب وحبيب اعتادوا على وجوده ليرشدهم ويهديهم ويلهمهم الصبر والحكمة، فهذه ذلة لا يمكن السكوت عنها وأقل الردود الفورية عليها هو إضاءة الصخرة التي تتشرف دون أن تشرف(بكسر الراء) روح السيد وذكراه الذي بات رمزا” وقدوة ومعلما” يعلوا على كل الصخور والجبال وجمالاتها. وهنا يطرح السؤال: ما هو الامر الجلل الذي أصاب سلطتكم أو الصخرة ( وهي معلم طبيعي لا من إنجازات أي سلطة)، وهل يشوهها تسليط الضوء عليها؟ لا طلاء ولا حفر.
قبلك الرئيس الحريري وهو صاحب مشروع إعماري تجاري يتناقض في الشكل مع مشروع المقاومة. بعد عدواني 1993 و 1996 سارع الرئيس الحريري الى المجتمع الدولي وجال العالم وفي أروقة الامم الامم المتحدة ليؤمن غطاء” شرعيا” داعما” لها لفهمه حقيقة العدو، فكان تفاهم نيسان الذي تجلت فيه قدرات الرئيس الحريري عالميا”( كان احد أسباب اسرائيل لاغتياله: قالها السيناتور برني ساندرز ) وإن في الاتجاه المعاكس لداعميه .
ثم جاء الرئيس السنيورة منقلبا” على مواقف سيد نعمته محاولا” ضرب المقاومة حيث عجز العدو في حرب تموز البطولية، وكانت سببا” في أحداث داخلية ( تنذكر ما تنعاد) اريقت فيها دماء ذكية نتيجة تبعية تامة للخارج.
ارجع يا دولة الرئيس الى هذا التاريخ والعبرة لمن أعتبر ، وإذا كنت تظن أن المقاومة كسرت أو ضعفت حد إنهائها فاعلن عدم قدرتك كمن سبقك، واطلب سرا” المواجهة والدخول الى لبنان بالميركافا. وهنا يطرح السؤال: لماذا يهدد الكابينت ولايجتاح لبنان وينهي المقاومة؟ وهل هم قادرون وينتظروا منكم هذه الخطوة طوال ثمانية أشهر؟
المراد منكم بهذا الطلب لا نزع سلاح المقاومة ، إنما إشعال الداخل اللبناني وهو مربك للمقاومة ولطالما تحاشى السيد أو الرؤساء الحريري الاب والابن هذا الامر، وكان ضحيتها الرئيس الابن سعد المنبوذ سعوديا”.
على أمل أن تسمع يا دولة الرئيس للحكماء لا للعملاء والاغبياء . وما قاله وزير الدفاع بالرد على تهجمكم يوضع في خانة الصفعة الناعمة لإعادة الوعي كي لا تصل دولتك الى إتخاذ قرارات مصيرية أقصاها يتمثل في تقديم استقالتك من حكومة قد لا تتشكل مجددا”.
تلافي الاحتكاك الداخلي من شيم الكبار والاقوياء وتدوير الزوايا ليس مذلة والاستاذ حاضر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى