
يقول المثل الشعبي: “تركت جوزها مبطوح وراحت تداوي ممدوح”. ويُضرب هذا المثل للوم من يهمل مشاكله الأساسية ويجتهد في معالجة مشاكل غيره. كأنما كُتب هذا المثل خصيصًا لبعض رجال السياسة في لبنان، ممن تجاهلوا وطنهم المتألم، وانشغلوا في الاصطفاف خلف ثورات الآخرين، والتغني ببطولات زعماء الخارج، وكأن لبنان ليس أولويتهم . في لبنان لدينا ما يكفي من المطبلين والملتحقين بركب التبعية، أولئك الذين اعتادوا ترك وطنهم يتخبّط في أزماته الاقتصادية والمعيشية، بينما يهرولون لتأييد صراعات الجيران أو لتسجيل مواقف نضالية لا تسمن ولا تغني من جوع .
هم منقسمون في ولاءاتهم بين عواصم القرار الإقليمي والدولي: منهم من يدور في فلك المحور ومنهم من يحتمي بالمظلة ، لكن القاسم المشترك بينهم أنهم تركوا لبنان “مبطوحًا”مكشوف الظهر، يتلوّى من الألم، ويئن تحت الجوع والبطالة والانهيار. لا خطة إنقاذ، لا إنتاج ولا سيادة مكتملة لجيشه البطل على جميع أراضيه ومعابره، ومع ذلك تجدهم أول المصفقين لما يحدث في دول الجوار، وأول من يرسل برقيات التأييد والولاء، وكأنهم وكلاء لقضايا غير قضيتنا.
لهؤلاء نقول: عودوا إلى وعيكم ، فلا كرامة لمن يهمل بيته ليتفرغ لحروب غيره.ولا احترام لمن يترك وطنه ينزف، ويبحث عن بطولة في ساحات الآخرين.لبنان يحتاج من ينهض به، لا من يتركه مبطوحًا. هذا الشعب يستحق من يُنصت لأنينه، لا من يخذله باسم “الالتزامات الإقليمية”. دعوا “ممدوحًا” لزعمائه، وانهضوا بلبنان… قبل أن يفوت الأوان.