أخبار محلية

كلمة النائب الدكتور بلال الحشيمي أثناء جلسة مساءلة الحكومة في مجلس النواب

دولة الرئيس، دولة الرئيس، الزملاء النواب،

السادة الوزراء،

أقف اليوم أمامكم، لا كنائب فحسب، بل كلبناني يشعر بثقل المرحلة، وبحجم الأخطار التي تحدق بوطننا. نحن أمام مفترق مصيري، ولم يعُد لدينا ترف الصمت، ولا طمأنينة الانتظار.

لقد شاهدنا في الأيام الماضية مشاهد مرعبة: مسلحون في احياء بيروت، وهذا تهديد لأمناللبنانيين، وهناك من يتوعد من يطالب بتطبيق الدستور بـ”نزع أرواحهم

أين الدولة من ذلك؟ وأين القضاء؟ وأين الضمير الوطني؟

أقولها بوضوح: لا يمكن أن يُحمى الوطن من خلال الفوضى، ولا من خلال التهديد بالسلاح، ولا من خلال منطق الدويلات.

نعم، نحن نطالب بسحب السلاح غير الشرعي، لا نكايةً بأحد، بل وفاءً لهذا الوطن. لأن لبنان لن يقوم إلا بسلاح واحد تحت راية الدولة، وبقرار سيادي لا يُخطف ولا يُصادر.

إذا أردنا تحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وتنفيذ القرار 1701، فلا يمكن أن نبقى في النمط القديم: خطابات، وشعارات، وتجاوز للدولة.

تحرير الأرض واجب مقدّس، ولكن ليس بالفوضى. بل بخطة وطنية، وبمؤسسات رسمية، وبمظلة جيشنا الوطني.

لن نقبل ببقاء الاحتلال الاسرائيلي على شبر من أرضنا. لكن مواجهة هذا الاحتلال هي مسؤولية الدولة اللبنانية، بكل مؤسساتها، وبغطاء شعبي جامع، لا بقرارات فردية ولا بسلاح خارج الشرعية.

آن الأوان أن نكتب تاريخاً جديداً

تاريخ تبنيه الدولة، لا االسلاح الغير شرعي.

تاريخ تصنعه المؤسسات، لا منطق الاستقواء.

تاريخ نعلنه من هذا المجلس، ويؤمن به كل اللبنانيين، من كل المناطق والطوائف، من بيروت إلى البقاع، ومن الشمال إلى الجنوب.

لبنان بحاجة إلى شجاعة القرار، لا إلى فوضى السلاح.

وبحاجة إلى كلمة حق، لا إلى رسائل نارية.

ختاماً،

أدعو الزملاء النواب، وكل القوى السياسية، إلى التعامل مع ملف السيادة والدفاع كأولوية وطنية جامعة، لا مجال فيها للمزايدات ولا للمساومات.

حان الوقت لإعادة الاعتبار للدولة

ولتبقى راية لبنان أعلى من كل الرايات

.

إعادة تصوير لبنان كبيئة خصبة للتطرف والإرهاب

دولة الرئيس،

في هذا الظرف الحساس، نعيش فوضى شائعات أمنية، وتقارير متناقضة عن الحدود والمقاتلين الأجانب، وكلها تُعرض في العلن بشكل يهدّد صورة لبنان واستقراره ووحدته.

لكن الخطر الأكبر، ليس فقط من تلك الجماعات، بل من محاولة البعض إعادة تصوير لبنان كبيئة خصبة للتطرف والإرهاب، مع ما يُرافق ذلك من تلبيس لتهم جاهزة لطائفة بعينها، وشيطنة مناطق كاملة.

أقولها بوضوح، ومن موقع مسؤولية:

الطائفة السنية كانت وما زالت مكوّناً أساسياً في مشروع الدولة، وحصناً في وجه التطرف، وشريكاً حقيقياً في الحفاظ على وحدة لبنان وسلمه الأهلي.

أحيي الجيش اللبناني على صدقه في التوضيح، بأن كثيراً مما يُنشر هو من باب التضليل، وبأن الوضع الأمني مضبوط، والتنسيق قائم على المعابر.

لكن ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت، هو أن نُقدّم صورة بلد آمن، لا بطمس الحقيقة، بل بضبط الخطاب، وبمنع توظيف أي ملف أمني لتدمير ثقة المستثمرين والمغتربين.

نحن في لحظة اقتصادية مصيرية:

🔸 المغترب متردد في العودة.

🔸 السائح قلق من زعزعة الاستقرار.

🔸 المستثمر يراقب الأخبار ويبتعد.

من هنا أُطالب بأن تكون كل الملفات الأمنية بيد الدولة وحدها، وتُعالج بهدوء ومسؤولية، دون تسريبات أو شيطنة إعلامية، لأن الأمن لا ينفصل عن الاقتصاد، وعن الاستثمار، وعن فرص العمل.

من يُشوه صورة لبنان، هو نفسه من يمنع النهوض الاقتصادي.

ومن يُبالغ في التهويل الأمني، يخدم أجندة ضرب الثقة، ويُبعد عن لبنان دعم المغترب، واهتمام المستثمر، وإقبال السائح.

دول كثيرة عانت من الإرهاب، لكن عالجته بهدوء، دون بروباغندا إعلامية، ولا نشر ذعر، حفاظاً على اقتصادها، وسياحتها، وصورة بلدها.

أقول للجميع: نحن لسنا بلدًا مفلسًا، نحن بلد نُفِقَد الثقة، وأول استثمار يجب أن نُعيده هو الثقة بالدولة، والثقة بالأمن، والثقة بالعدالة، والثقة بالسيادة.

إعادة ترتيب العلاقة الرسمية مع الدولة السورية

دولة الرئيس،

إنني أتوجّه إليكم اليوم من منطلق المسؤولية الوطنية لا الاصطفاف السياسي، لأطرح رؤية واقعية تقوم على مبدأ واحد: مصلحة لبنان أولاً.

وهذا يتطلّب منا إعادة ترتيب العلاقة الرسمية مع الدولة السورية بشكل مباشر ومدروس، بعيدًا عن الانفعال أو المكابرة.

🔵 أولاً: العلاقات اللبنانية – السورية: الفرصة التي لا يجب أن نُهدرها

جميعنا نرى أن الدول العربية والغربية أعادت فتح سفاراتها في دمشق، وأطلقت مشاريع استثمار وتعاون. فكيف نعزل أنفسنا نحن، والحدود المشتركة بيننا وسوريا هي شريان اقتصادي وزراعي وتجاري وأمني؟

من هنا، أدعو إلى:

إعادة فتح العلاقات الرسمية بين لبنان وسوريا، عبر لقاءات وزارية منظمة ومنتظمة،بدءاً من وزارات: الزراعة – الصناعة – الاقتصاد – الموارد المائية – الداخلية التربية.
تنظيم تبادل السلع وحركة التصدير من وإلى سوريا، خاصة للبقاعيين والمزارعين والصناعيين.
وضع اتفاقيات تنسيق مائي وحدودي، تحفظ حقوقنا في المياه والتدفقات الطبيعية بين البلدين.

🟠 ثانياً: ملف الموقوفين السوريين – من الفوضى إلى المعالجة المجزّأة

هذا الملف لا يُعالج بالشعارات ولا بالإهمال. لدينا في السجون اللبنانية مئات الموقوفين السوريين، بعضهم بلا محاكمة منذ سنوات. ومن هنا:

أدعو إلى تشكيل لجنة قضائية – أمنية مستقلة، تُفرز الملف إلى ثلاث فئات:

1. من ارتكب جريمة يُحال للقضاء ويُحاكم.

2. من لا ملف له يجب إطلاقه.

3. من هو في خطر حقيقي في حال الإعادة، تُدرس حالته قانونياً وفق المعايير الدولية.

هذا هو القانون. وهذه هي السيادة الحقيقية.

🟢 ثالثاً: النازحون السوريون – الحل بالتجزئة والتنسيق

نعم، لا يمكن للبنان أن يستمر بهذا العبء. لكن الحل ليس في التصادم، بل في التخطيط والتجزئة والتعاون.

وأقترح التالي:

إطلاق خطة عمل تدريجية على مراحل، تبدأ بإعادة من يعودون طوعًا، أو من يزورون سوريا بشكل متكرر.
التعاون مع النظام السوري مباشرة لتأمين ظروف العودة.
الجلوس مع المنظمات الدولية –– لتسهيل العودة وتوفير الدعم لما بعد العودة.

وضع جدول زمني واضح لخفض أعداد النازحين داخل لبنان وفق قدرات الدولة.

دولة الرئيس،

القرار بيدنا، والوقت ليس في صالحنا.

نحن لسنا بحاجة لصراعات جديدة، بل لقرارات جريئة تحفظ الكرامة وتسترجع السيادة، وتفتح للبنان باب التعافي الاقتصادي.

العلاقة مع سوريا ليست تنازلاً، بل أداة إنقاذ.
حلّ ملف الموقوفين ليس تساهلاً، بل عدالة.
عودة النازحين ليست عقوبة، بل استعادة للحقوق.

فلنتصرّف كدولة… لا كمسرح لتصفية الحسابات.

دولة الرئيس،

أتحدث إليكم اليوم بقلق عميق ووجع كبير عن قضية المودعين اللبنانيين، قضية ليست فقط مالية أو تقنية، بل هي في جوهرها قضية كرامة وحق وعيش كريم لملايين من اللبنانيين.

منذ العام 2019 اي عهد الرئيس العماد ميشال عون وحكومة من لون واحد ، ونحن نسمع وعودًا متكررة بحل هذا الملف، لكن الحقيقة أنّ شيئًا ملموسًا لم يتحقق. أموال الناس تذوب، المعاناة تتفاقم، والثقة بالدولة تنهار، بينما يستمر التأجيل والمماطلة، وكأن حقوق الناس مجرّد ملف قابل للتجاهل والتسييس.

هذا التأخير ليس فقط تقصيرًا، بل هو ظلم موصوف، بل خيانة واضحة لأمانة الناس وودائعهم. المودعون ليسوا أرقامًا في دفاتر المصارف، بل هم موظفون ومغتربون ومتقاعدون وصغار كسبة، لهم حقوق لا يمكن المساس بها.

والمفارقة أنّه عندما نرغب في الحصول على أموال من صندوق النقد الدولي، نُسرّع الاجتماعات ونتخطى الانقسامات، ونعقد اللجان ليلاً ونهارًا لإقرار القوانين المطلوبة. أما في ما يخص حقوق المودعين، فلا استعجال، ولا مسؤولية، ولا نتائج منذ ست سنوات.

نصوّت هنا للحصول على قروض جديدة، في وقتٍ لا نملك خطة جدية لسداد الدين، ولا رؤية إصلاحية متكاملة، بينما الدولة متقاعسة، والوزارات عاجزة، والقطاعات الإيرادية مهملة.

أين خطة الجباية؟

أين ضبط الجمارك والمرافئ؟

أين إصلاح العقارات والأملاك البحرية؟

أين الخطّة لتحديث إداراتنا وإنهاء التهريب والفساد المنظّم؟

إذا لم تكن هناك إرادة سياسية حقيقية لتعزيز الإيرادات، ومحاربة الفساد، واستعادة المال المنهوب، فإن أي تمويل خارجي – مهما كبر حجمه – لن يكون سوى دينٍ جديد يرتّب أعباء جديدة دون إصلاح حقيقي.

دولة الرئيس،

لبنان لا يحتاج فقط إلى قرض… بل يحتاج إلى قرار سياسي شجاع، يُعيد الاعتبار للناس، ويكرّس الشفافية، ويؤمّن العدالة للمودعين، ويضع حدًا للنهب المنظّم.

إنني من موقعي هذا أطالب بتحرك فوري وجادّ لإنهاء هذا الظلم، وإعادة الحق إلى أصحابه، وتحصين ما تبقى من الثقة بين اللبنانيين ودولتهم.

فلا كرامة وطن بلا كرامة مواطن.

دولة الرئيس،

في ظل الانهيار الاقتصادي، يعاني الأساتذة والموظفون في لبنان — من التعليم الأساسي والثانوي، إلى المهني والجامعي، مرورًا بالمتعاقدين والمستعان بهم، وصولًا إلى الموظفين في الإدارات العامة والمتقاعدين — من رواتب مُذلّة، مستحقات متأخرة، وغياب أي أمان وظيفي أو صحي.

في المقابل، تُصرف رواتب خيالية لأعضاء الهيئات الناظمة في بعض القطاعات، تفوق بأضعاف ما يتقاضاه أستاذ جامعي أو موظف تربوي، مما يُشكل خرقًا صارخًا لمبدأ العدالة والمساواة في الوظيفة العامة.

🔹 نذكر الفئات التي تعاني من هذا الإجحاف:

أساتذة التعليم الرسمي الأساسي والثانوي.

المتعاقدون على الساعة والصناديق.

الأساتذة المستعان بهم صباحًا بلا عقود.

أساتذة التعليم المهني والتقني.

أساتذة الجامعة اللبنانية: المتفرغون، المتعاقدون، والمدرّبون.

الموظفون الإداريون في المدارس والجامعة.

الموظفون في الإدارات العامة.

المتقاعدون التربويون والوظيفيون الذين تُهدر كرامتهم بعد خدمة طويلة.

🔹 المطالب العاجلة:

1. تصحيح رواتب جميع العاملين في القطاع التربوي والإداري.

2. صرف المستحقات المالية فورًا وبشكل منتظم.

3. تفرغ عادل للأساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية.

4. عقود نظامية للمستعان بهم صباحًا.

5. إعادة النظر في رواتب الهيئات الناظمة، ووضع سقوف عادلة تحقّق التوازن والإنصاف.

لا يمكن إنقاذ الدولة إذا تم تهميش من يبنيها.

المعلم والموظف ليسا الحلقة الأضعف، بل هما الأساس.

ولا مستقبل للبنان إذا استمر استنزاف التعليم والإدارة بهذه الطريقة.

موضوع الاساتذة المتعاقدين في الجامعة اللبنانية

لا يمكننا أن نأتي اليوم، بعد أكثر من عشر أو خمس عشرة سنة من تضحيات أساتذة متعاقدين في الجامعة اللبنانية، خرّجوا خلالها آلاف الطلاب، وساهموا في بقاء التعليم العالي الوطني حيًّا، ونقول لهم: “أنتم خارج آلية التفرغ الجديدة“!

هؤلاء الأساتذة لم يأتوا من فراغ، بل هم جزء من بنيان الجامعة، وهم من حملوا المسؤولية يوم تهرّب منها كثيرون، واليوم نكافئهم بالإقصاء؟!

نحن لا نرفض تطوير الآليات، بل على العكس، نحن مع الإصلاح الحقيقي، ومع تصحيح الخلل من اليوم وصاعدًا. لكن لا يمكن استخدام الإصلاح كذريعة لظلم من ضحّى طيلة عقد من الزمن وأكثر.

لدينا آلية قائمة لتفرغ الأساتذة — هي المرسوم 9084 — ولسنا بحاجة لاختراع آليات جديدة تُقصي أصحاب الحق.

العدالة لا تُجزأ، والحقوق لا تسقط بالتقادم.

إذا كانت هناك نية للإصلاح، فلنبدأ من اليوم، لكن لا يجوز أن نُلغي مَن سبق، ونُدفن تضحياتهم باسم الإصلاح.

الإصلاح لا يكون على حساب الكفاءات، بل بحمايتها، وإنصافها، وتثبيتها في موقعها الطبيعي.

الموضوع الزراعي

دولة الرئيس،

إنني أرى أن هذه الأزمة ليست مجرد نقص في التمويل، بل هي أزمة سياسات وغياب رؤية استراتيجية واضحة للقطاع الزراعي اللبناني. إن ضخ الأموال وحده لن ينجح في إنقاذ الزراعة، بل قد يزيد من أعباء الدولة والمزارعين على حد سواء، إذا لم يترافق مع خطة إصلاح شاملة وجذرية.

سؤالنا اليوم: كيف نمنح الدولة مزيدًا من القروض ونحن لا نلمس أي شفافية أو استخدام فعلي للقروض السابقة؟

إنني أود أن أوضح مثالاً عملياً على واقع الأزمة التي يعيشها المزارع اللبناني:

كيلو البندورة وصل سعره لعشرة آلاف ليرة، فتكلفة 25 ألف كيلو تصل إلى 250 مليون ليرة.
كيلو البطاطا يتراوح بين 15 إلى 20 ألف ليرة، فتبلغ تكلفة 35 ألف كيلو ما يقارب نصف مليار ليرة.
كيلو الثوم تجاوز سعره المئة ألف ليرة، فتكلفة 150 ألف ت.
كيلو البصل الذي يبلغ سعره عشر آلاف ليرة، فتكلفة 20  ألف .

كيف لنا أن نُنجح خطة بقيمة 200 مليون دولار لقطاع يواجه هذه الأسعار وأعباء الإنتاج، بينما الأسواق الخارجية ما تزال مغلقة أو مقيدة؟

المزارع اللبناني لا يحتاج إلى قروض تزيد أعبائه، بل إلى فرص حقيقية لتصدير إنتاجه وفتح الأسواق، خصوصاً في الخليج العربي والأسواق العربية الشقيقة، حيث لم تُفتح الحدود بالشكل المطلوب حتى الآن.

إننا بحاجة إلى خطة شاملة تبدأ بتسويق الإنتاج ودعم المزارعين بمستلزمات الإنتاج، وتحريرهم من الرسوم والضرائب الباهظة، مثل الزيادة على سعر المازوت التي أثقلت كاهلهم.

أي استدانة جديدة يجب أن ترتبط بإصلاحات ملموسة في الإدارة المالية للدولة، وإلا فإننا نعيد إنتاج نفس الفشل.

مستشفى “اطبّاء بلا حدود” في بلدة برالياس

دولة الرئيس.

معالي وزير الصحة،

في عام 2017، افتتحت منظمة “أطباء بلا حدود” مشكورة مستشفى “اطبّاء بلا حدود” في بلدة برالياس، وكان هذا الصرح الطبي بمثابة نقطة تحول صحية في البقاع الأوسط، حيث خدم لسنوات آلاف المرضى من برالياس ومحيطها، بل ومن مختلف قرى وبلدات البقاع.

لقد جهّزت المنظمة المستشفى بأحدث المعدّات، وأدارته بمهنية عالية وإنسانية راقية، وكان في طليعة المؤسسات الصحية التي استجابت خلال أزمة كورونا، حين تقاعس كثيرون، فكان هذا المستشفى في الصفوف الأمامية، يخدم المرضى، ويخفف عن المستشفيات الحكومية والخاصة في المنطقة.

وفي عام 2023، وبعد ست سنوات من العمل الدؤوب، سلّمت المنظمة المستشفى إلى الدولة اللبنانية، وتحديدًا إلى وزارة الصحة. المستشفى بات ملكًا للدولة، وجاهزًا للعمل، بكل تجهيزاته وبنيته التحتية.

لكن للأسف، المستشفى لا يزال حتى اليوم مغلقًا، ينتظر قرارًا لإعادة تشغيله، فيما أهل المنطقة يئنّون تحت وطأة الغلاء، وانهيار النظام الصحي، ونقص الأسرّة والخدمات.

والأخطر من ذلك، أن منظمة “أطباء بلا حدود” لا تزال حتى هذه اللحظة، ورغم انتهاء مهمتها، تدفع شهريًا ما يقارب عشرة آلاف دولار أميركي للمحافظة على المبنى والمعدات، في انتظار أن تتحمّل الدولة مسؤوليتها!

من غير المقبول أن يبقى مستشفى كامل ومجهّز، مغلقًا، في منطقة بحاجة ماسّة لكل سرير ودواء وطبيب.

نحن لا نطلب تشغيلًا شاملاً، بل نطلب خطوة واقعية تبدأ بتشغيل طابق أو طابقين، وفق الإمكانات، على أن تتوسّع تدريجيًا.

كي يعود كما كان: نقطة أمل، وشريان حياة لأهل برالياس والبقاع.

حول تفاقم تلوّث نهر الليطاني وتقصير وزارة البيئة

دولة الرئيس،

معالي وزيرة البيئة،

منذ تسلُّمكم معالي الوزيرة لمهامكم، لم نسمع موقفًا واضحًا أو إجراءً ملموسًا من جانب وزارتكم تجاه الكارثة البيئية التي يعاني منها نهر الليطاني، لا سيما في المجرى الأوسط، وتحديدًا في منطقة برالياس، حيث بات النهر مصدرًا للخطر اليومي على صحة المواطنين وكرامتهم وبيئتهم.

لم يخرج صوت الوزارة إلا منذ أيام قليلة، حين بدأتم تتحدثون عن بعض المصانع وتلوّثها، في حين أن الأزمة الحقيقية تكمن في توقف محطات تكرير الصرف الصحي، خصوصًا في زحلة وصغبين، نتيجة غياب التمويل وتقصير الجهات المسؤولة عن التشغيل.

نحن تعبنا من البيانات، ومن التصريحات، ومن الفولكلور الإعلامي.

منذ أكثر من 25 سنة، يتكرر المشهد ذاته:

وزراء يتفقدون، ويصرّحون، ويرفعون كتبًا، ويُطلقون وعودًا،

لكن نهر الليطاني ما زال يختنق، وأهلنا في البقاع ما زالوا يدفعون الثمن.

إنني اليوم، ومن هذا المنبر، أطالبكم بخطة طارئة وفورية، تشمل:

1. إعادة تشغيل محطات التكرير المتوقفة فورًا، وتأمين التمويل اللازم بالتعاون مع الجهات المعنية محليًا ودوليًا.

2. تشكيل لجنة طوارئ بيئية تضم وزارتكم، ومجلس الإنماء والإعمار، والمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، والبلديات المعنية، لمتابعة الملف ومراقبة التنفيذ.

3. إعداد تقرير شفاف يُعرض أمام المجلس النيابي خلال شهر واحد، يُفصّل فيه واقع التلوّث، وخريطة مصادره، وخطة الوزارة لمعالجته.

4. مباشرة تنفيذ الإجراءات الرقابية والقضائية بحق كل من يلوّث النهر، من مؤسسات ومصانع وبلديات.

5. إطلاق حملة وطنية للتوعية والضغط والمساءلة، عنوانها: “أنقذوا الليطاني… أنقذوا الإنسان“.

معالي الوزيرة،

الليطاني لا ينتظر زيارات ولا مؤتمرات صحفية،

الليطاني يحتاج إرادة، وشجاعة، وقرار.

وأهل البقاع يستحقون العدالة البيئية كما يستحقون العدالة الاجتماعية والاقتصادية.

تعليقًا على قرار منع الطلاب السوريين غير الحاملين لإقامات من التقدّم لامتحانات الباكالوريا

دولة الرئيس،

في زمن الانهيار، وفي وطن يُفترض أن يكون حضنًا للعدالة والرحمة، نُفاجأ بقرار صادر عن معالي وزيرة التربية، يمنع طلابًا سوريين مقيمين في لبنان منذ أكثر من 13 عامًا من التقدّم إلى امتحانات الباكالوريا بحجة عدم حيازتهم لإقامات قانونية!

أتوجه بالسؤال إلى معالي الوزيرة:

هل هذا القرار يُعبّر عن ضمير تربوي؟

هل يُمكن لتربوي حقيقي أن يُعاقب طلابًا على أوضاع قانونية خارجة عن إرادتهم؟

هل نسينا أنّ هؤلاء الأولاد نشأوا وتربوا وتعلموا في مدارسنا، وبعضهم من المتفوّقين؟

هل هكذا نردّ الجميل إلى من اختار أن يُكمل تعليمه في لبنان رغم كل الظروف؟

من غير المقبول أن نستخدم الملفات التربوية كورقة ضغط سياسي أو كأداة تصفية حسابات على حساب أولاد أبرياء.

ندعو إلى التراجع الفوري عن هذا القرار الجائر، وتسهيل مشاركة كل طالب مقيم على الأراضي اللبنانية في امتحاناته في الدورة الثانية، احترامًا لحقّه في مستقبل كريم، وحرصًا على صورة لبنان التربوية والإنسانية أمام العالم.

حول واقع الامتحانات الرسمية وتعليم الطلاب في ظل الأزمات

دولة الرئيس,

نحن نُقدّر جهدكم في تنظيم الامتحانات الرسمية، ونشكر كل من ساهم في إنجازها بظل ظروف صعبة، ولكن لا بدّ من قول الحقيقة:

رفع مستوى الشهادة الرسمية لا يتم عبر ضغط الامتحانات، بل برفع جودة التعليم.

كيف نُطالب طلاباً درسوا فقط 70 يومًا فعليًا – من أصل 150 يوماً مُفترضاً – أن يجتازوا امتحانات تغطي كامل البرنامج؟

طلاب واجهوا إضرابات، وانقطاع الأساتذة، والحرب، والتهجير، والاستنزاف النفسي والاجتماعي. طلاب لم تكتمل مناهجهم، ولم يحصلوا على فرص متكافئة للتحضير.

نعم نطمح إلى شهادة وطنية عالية المستوى، ولكن هذا لا يتحقق بضغط الامتحانات، بل بتحقيق استقرار أكاديمي، تطوير المناهج، إدماج التكنولوجيا، وتحفيز المعلمين.

جيل اليوم يعيش في عالم رقمي سريع. التربية لم تعد كما كانت. المطلوب أن نبني جيلًا يتفاعل مع الواقع، ويملك مهارات المستقبل، لا أن نحاسبه على ما لم يحصل عليه.

نعم، قلّصنا الامتحانات، ولكن الأهم أن نُقلّص الفجوة بين الواقع والمناهج، بين التلميذ والمعلّم، بين الشهادة وسوق العمل.

التربية تحتاج رَواق، وتخطيط طويل الأمد، وشراكة جدية بين الوزارة والمجلس النيابي، وبين الدولة والمجتمع.

حول واقع وزارة الشؤون الاجتماعية والمراكز الرسمية

دولة الرئيس،

أتوجّه إليكم اليوم من على منبر المجلس، بكلمة لا تحمل فقط صفة رقابية، بل واجباً أخلاقياً وإنسانياً تجاه الناس، وتجاه موظفين ومسؤولين في وزارة تُفترض أن تكون صمّام الأمان للفئات الأكثر هشاشة: وزارة الشؤون الاجتماعية.

كيف لنا أن نقبل بأن تتحول وزارة الشؤون الاجتماعية إلى مجرّد صندوق لدفع المساعدات النقدية، فيما مراكزها الرسمية في المناطق تعاني الإهمال، والفراغ، وتراجع الأداء، وانعدام الكوادر؟

كيف نقبل أن تكون الجمعيات والمنظمات غير الحكومية أقوى تنظيميًا وأغنى دعمًا من مراكز الدولة؟

🔹 لدينا اليوم في لبنان شبكة من المراكز الصحية والاجتماعية الرسمية، بعضها مملوك للدولة، وبعضها الآخر مُستأجر منذ عشرات السنين. هذه المراكز مليئة بالمعدات، لكنها خالية من الأطباء والاختصاصيين. الموظف الموجود فيها بالكاد يصل آخر الشهر، والميزانية التشغيلية شبه معدومة، والتأهيل مفقود.

🔹 هل يعقل أن نرى مركزًا رسميًا تابعًا للوزارة، لا كهرباء فيه، ولا طبيب، ولا موظف ثابت، بينما على بعد مئة متر جمعية شريكة مع الوزارة تفتح 5 أيام بالأسبوع وتدفع رواتب محترمة من أموال الدولة نفسها؟

🔹 وأسأل من هذا المنبر: أين موظفو وزارة الشؤون الاجتماعية من كل هذه المساعدات؟

الوزارة التي تدفع اليوم للفقراء، موظفوها أنفسهم باتوا من الفقراء!

الرواتب لا تكفي.

المتقاعدون من الوزارة يتقاضون فتاتًا لا يكفي دواءً.

الكرامة المهنية أصبحت عبئًا على الموظف، بدل أن تكون مصدر اعتزاز.

أي عدالة اجتماعية نريد أن نبنيها إذا كانت المؤسسة المسؤولة عن الحماية الاجتماعية تنهار أمام أعيننا؟!

سعادة الرئيس،

إن إصلاح وزارة الشؤون الاجتماعية لا يبدأ من زيادة المساعدات النقدية، بل من:

1. إعادة هيكلة وتفعيل مراكز الوزارة في كل المناطق، خاصة في الأطراف والمناطق الريفية.

2. تثبيت الكوادر الطبية والاجتماعية في هذه المراكز، عبر عقود دائمة ومحفّزة.

3. وضع معايير شفافة للتعاقد مع الجمعيات، وربط التمويل بجودة الخدمة وليس بالوساطات أو المحسوبيات.

4. رفع رواتب الموظفين والمتقاعدين في الوزارة، وإعادة الاعتبار إلى صندوق التعاضد والخدمات الاجتماعية لهم.

5. تحويل الوزارة من مجرد جهة توزيع إلى جهة تنمية مجتمعية حقيقية، تشمل دعم الأسر، والمسنين، وذوي الإعاقة، ودمج الفقراء في سوق العمل.

دولة الرئيس،

لبنان لا يحتاج إلى شفقة دولية أو إحسان.

لبنان يحتاج إلى مؤسسات فعلية تعمل بكرامة وعدالة واستدامة.

وحين تنهض وزارة الشؤون الاجتماعية بمراكزها وموظفيها وكرامتها، تنهض الدولة كلها معها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى