مقالات صحفية

“ترامب …والتهريج النووي” بقلم الدكتور أنطون حداد

لطالما شغل الملف النووي الايراني السلطات اليهودية في فلسطين المحتلة منذ آواخر القرن العشرين وكان من ضمن القيادة وما زال جنرال الدم المسعور بنيامين نتنياهو . ويرى الجنرال والاستراتيجي الاميركي العقيد …أن :” نتنياهو هو الاساس في رسم مخطط تدمير الدول السبع التي اشتملها الربيع العربي واهمها العراق وسورية …والسابعة ايران ” و ايران لحد اللحظة هي الهدف الاخير في هذه السلسلة التي خطط لضربها ووضع حد لبرنامجها النووي منذ العام 1995 واتخذت قيادته القرار بتنفيذ حملة عسكرية جوية بحجة تدمير طاقات ايران النووية ووقف طموحاتها النووية التي تهدد امن الكيات العيري ووجوده كما يهدد النظام الايراني مرارا” ،ابتدأت بغارات خاطفة بسرب كبير من الطائرات في محاولة متعددة الاهداف ابرزها:
1-محاولة القضاء على رأس النظام آية الله علي الخامينئي ورؤوس القادة الكبار تحضيرا” لخلق جو من البلبلة وتحريك اذرع اسرائيل من اعداء النظام بمساعدة الموساد للاستيلاء على السلطة وقلب نظام الملالي على حد تعبيرهم. وتشير تقارير سرية أن أجهزة الاستخبارات والرصد في حزب الله اللبناني حذرت المعنيين الايرانيين وتمكنوا قبل خمسة دقائق من أخراج السيد خامنئي وعدد من القادة من المكان حيث سقط العديد من القادة والكوادر في القصف.
2- القيام بعملية استخباراتية دقيقة للقضاء على عدد كبير من العلماء والخبراء النوويين بهدف القضاء على البرنامج النووي
3-ضرب العديد من الاهداف كالرادارات وبعض المطارات ومراكز القيادة والسيطرة وشبكة أهداف كبرى بهدف شل قدرات ايران على الرد.
يتضح من مسار هذه العملية أن أهداف حكومة نتنياهو تذهب الى أبعد من إزالة الخطر النووي الايراني المعلن
يظهر من تبلور هذه الاهداف أن القرار العبري كان أبعد من الملف النووي الايراني يصل الى إسقاط النظام وتركيب سلطة جديدة يسيرها الموساد شبيهة بتلك التي كانت أيام الشاه رضا بهلوي حيث كانت ايران آنذاك مركزا” استخباراتيا” اميركيا” متقدما” في الشرق الادنى( الاوسط) . وهذا ليس مجرد تكهن وقد اعيد استظهار السابق ببهلوي الجديد على ساحة الاحداث وجه بديل سرعان ما وئدت في المهد مسجلة فشلا” ذريعا” مستحضرة مقولة التاريخ لا يعود الئ الوراء، وإن كان التاريخ يعيد نفطه لكن بصورة ووجوه وأدوات مختلفة.
كما يظهر بوضوح فشل العملية رغم ما شكلته من صدمة مفاجئة(محاولة اغتيال خامنئي تؤكد ذلك) ، بل اتت الصدمة معكوسة بعد الرد الاول الذي شكل مع ما تبعه من هجمات فيلم رعب حقيقي لم يكن المشروع اليهودي القائم على تجميع اليهود في وطن آمن وتحضيرا” لظهور مسيحهم “أعور الدجال” الذي يحتمل أنه لن يعود للظهور . وكانت الفاجعة لدى السكان الذي صوروا خوفهم بالقول :” هل نحن في تل ابيب أم في الشجاعية” وهذه الاخيرة القيت فوقها كمثيلاتها من مناطق غزة الاف بل ملايين الاطنان من القنابل .
الطائرات العبرية تابعت عملياتها في ضرب البنى العسكرية والقيادة والسيطرة والامن الداخلي والبنى التحتية من مستشفيات بما في ذلك التلفزيون وحققت الكثير من الاختراقات والسيطرة الجوية أهم الانجازات وهو أمر أعطى المهاجم هامش من التفوق والتحرك سمح للقيام بحطوات تالية.
هذه الانجازات على أهميتها لم تمنع القوة الجو – فضائية الايرانية من متابعة مهمتها وترجمة تهديدها طوال اربعين عاما” وسلطت الاعلام المعادي ” للمحور ” المقاوم القائل أن إيران تتلاعب بحلفائها وتنفذ اجندتها ومصالحها على حساب مصالحهم ومصالح بلادهم والتي وصلت ذروتها مع الضربة التي تلقتها المقاومة في لبنان ومقتل سيدها وقادتها بسبب عدم سماح ايران لقوات الحزب وفرقة “الرضوان” من احتلال الجليل التي طالما اطلقها سيد “الوعد الصادق” حسن نصرالله وخزلتها في اللحظات الحرجة.
جاءت الهجمات الايرانية على كافة مساحة فلسطين المحتلة لتبدد الى حد بعيد هذه الادعاءات من جانب المقاومة على الاقل وخاصة عند أهل المقاومة التي دمرت الة الحرب العبرية مدنهم ومستشفياتهم وفي ظل حملة الابادة التي يعيشها الشعب الفلسطيني وأهالي غزة خصوصا”.
في المحصلة استطاعت “اسرائيل” فرض سيطرتها الجوية في ايران كما في كل حروبها السابقة وتجاوزت حدود المفاعل الذي دمرته في بغداد 1981لتصل الى العمق الايراني على مسافة الفي كيلومتر لتخوض حربا” فريدة من نوعها بين دولتين غير جارتين.
بالمقابل خسرت اسرائيل هيبتها الامنية على أرضها وما كانوا يسمونه غارات جماعات ارهابية” حركات المقاومة” التي استطاعت دك العمق الاسرائيلي وخاصة المقاومة اللبنانية، جاءت الهجمات الصاروخية الايرانية لتسقط كل الات الامان العالمية من منظومات دفاع جوي تكلفتها بمليارات الدولارات كلها وقفت عاجزة عن حماية سكان الكيان بل شاركت احيانا” لاعطال تقنية أم نتجة هجمات سيبرانية واجهزة تشويش تحملها الصواريخ في “مهاجمة” من تعمل أصلا” لحمايتهم.
مما تقدم أن الهجوم على ايران لم يحقق رغم ما تقدم أيا” من اهدافه الاستراتيجية التالية:
1- فالنظام الذي كان يلقى معارضات داخلية و”ثورات ” لم يكن ليجد أفضل من هذه الظروف حسب المخططين ليستكمل مشروعهم بعد قتل المرشد واركان القيادة لكن ذلك لم ينجح وانعكس العدوان تماسكا” شعبيا” داخليا” فاجأ الاعداء كما اعلنت القيادة ورغم الجهود الاستخباراتية والاختراقات الامنية والخلايا التي انشأها وساهمت بقوة في الضربة الاولى فإن الشارع قاد مظاهرات منددة بالعدوان تبناها الباحث في العلاقات الدولية دعباس خامة يار وساهم بها تحضيرا” ومشاركة وهو معارض ايراني وسجين سياسي سابق استضافته احدى القنوات العربية التي ادهشها بمواقفه المؤيدة للسلطة في وجه العدوان.
2-القضاء على البرنامج النووي الايراني وإزالة الأخطر الناتجة عنه كهدف معلن فشلت اسرائيل في ذلك فشلا” ذريعا” رغم ضربات متتالية نفذتها ب “حرية” كما تدعي دون أن تحقق أي هدف ذا قيمة. لذلك كانت نداءات الاستغاثة سخر لها اللوبي اليهودي في اميركا إضافة الى أصوات القادة والشعب الرازح تحت رحمة الصواريخ على مساحة المستوطنات العبرية من تل ابيب الى بئر السبع… مة أجل القيام بالمهمة التي اتمتها اليوم الطائرات الاميركية وصواريخ التواهوك التي شارت في عملية الاغارة التي وصفت بالهمجية والمخالفة للقوانين الدولية والاميركية كما وصفها عدة سيناتورات اميركيين.
نعم تمت عملية القصف لكن النتائج الباهرة كما وصفتها أوساط المهاجمين وهلل له نتنياهو ومعاونيه وتفاخر بدقة تنفيذها ترامب ومساعديه وعقدت ومر زالت المؤتمرات المتلفزة المتبجحة التي ما إن بدأ الغبار ينقشع، بدأت تتوالى الاعترافات والحقائق والمواقف المعبرة عن اللا التنسيق مع الحلفاء الغربيين الذين هللوا للنصر مع نشر صور الطائرات والقذائف العملاقة ليظهر التنسيق مع ايران ذاته بإعلامها أن العملية ستتم في الوقت المحدد ، ليتضح أن الضربات كانت سطحية على مفاعلي نطنز وأصفهان جراء الغارات الطائرات العبرية أو الصاروخية الاميركية مع إشارة بعض الخبراء الى أن هذه المفاعلات محصنة تحت الارض أسوة بمفاعل فوردو المحصن على عمق يزيد عن 90 مترا” بمئات الامتار ، إذ أعلن رئيس الوكالة الدولية للطاقة النووية غروسي في مؤتمر صحفي قبل العدوان انها على عمق مئات الامتار (400 متر) وأكتر وبعض الخبراء 800 متر من الخرسات والصخور الصلبة، لتخرج بعض الصور المسربة من الاقمار الصناعية التي تظر أن القص تركز على المداخل لا على المفاعل ويظهر توزع القصف صدق ذلك . هذا مع الاشارة الى أن الحرس الثوري ومسؤولين كبار أشاروا الى أن اليورانيوم المخصب تم نقله من فوردو قبل يومين وه. ما سأل عنه الجنرال الياس حنا والجنرال الاردني أحمد الديري اين هي 409 كيلو من اليورانيوم المخصب بدرجة 60 ℅ التي كانت في مفاعل فوردو؟ ونحن نسأل أين هي الاشعاعات التي خرجت من المفاعلات والتي حذر منها الخبراء في حال قصف المفاعلات النووية؟؟ والتي ألمح فيما قيل أنها تتسرب أو لا لم تتسرب أثناء القصف العبري لمفاعل اصفهان أو نطنز…
إضافة الى ذلك جملة أسئلة باتت مشروعة ومنه
– الوكالة النووية الدولية للطاقة برئاسة غروسي اعلنت مرارا” الى جانب ممثلي الاتحاد الاوروبي وايران ذاتها أعلنت انها غير طامحة لذلك ولم تحصل على تكليف أو اذن من المرشد فلماذا شن الهجوم وما هي المكاسب من وراء ذلك؟؟؟
– 2- لماذا افتعال هذه الزوبعة في فنجان طالما أن ايران منذ اكثر من عشرين عاما” وهي على بعد شهرين من انتاج قنبلة نووية ولم تنتجها.
– 3- هل أن نتنياهو كان قادرا” أو يتجرأ على كسر ادارة ترامب ويشن عدوانا” بهذا الحجم وأنه غير قادر على تدمير تلك المفاعلات منفردا”؟
– 4- هل أن نتنياهو ما زال يهرب من السقوط والازمة الداخلية التي تهدد الكيان داخليا” وتهدد وحدته ووجوده؟؟ وهل اصبح قادرا” على انهاء الحرب مع ايران سواء للاسباب الانفة الذكر أو لأن الورقة الان باتت بيد ايران التي أعلنت مرارا” وقبل العدوان: “أن اسرائيل إن بدأت الحرب فنحن من سينهيها”.
– وتفيد التقارير الاستخبارية والعسكرية أن القيادة الاميركية في حالة استنفار وترقب في قواعدهاكافة في البر والبحر بانتظار الرد الايراني ( قدمت بعد ضرب المفاعلات نموذجا” يؤد ان قوتها وخاص الصاروخية بعد القيادية انها قادرة على رفع منسوب الرد بغاراتها المدمرة على الكيان الهش) بما فيها على مفاعل ديمونا المكشوف للصواريخ الايرانية التي زارت جواره بسهولة.
بعد هذا الهجوم النووي الاستعراضي الاميركي بالتنسيق مع ايران يمكن القول أن المونولوج الترامبي- النتناهوي يدل على أن القوة “الكبرى” الشرق اوسطية المتمثلة بالكيان الاستعماري أو راعيتها الدولية والقوة العظمى السائرة الى الكولابس collapse كما يقول الاقتصادي الكبير وليام وولف woolf تستم. في سياسة المهزلة الدامية التي يظهر أنها ستستمر حتى نصل الى نظام عالمي جديد يوضع فيه حدا” ل”العربدة” الاستعمارية وروح الهيمنة والفوقية في خرق القوانين والاعراف وسيادة الامم.
وهل إذا ظهر أن القنابل GPU47 لم تحقق الاختراق واستمرت ايران في عملية التخصيب في فوردو (قصفت فتحاته لا المفاعل) أو في سواه من مفاعلات موازية سرية هربت اليها كميات اليورانيوم المخصب ، وأغلب الظن أنه لم يعد من مبرر ديني أو غير ديني لانتاج قنابل نووية فما هي ردود الفعل آنذاك وهو ما يشغل بال المراقب العبري بعدما بدأت الصورة تتوضح؟؟
إن العدوان على ايران يشكل المحطة الاعلى في الحروب الممكن ان تشنها اميركا مباشرة أو بالبواسطة على دولة بهذا الحجم لدولة ذات تاريخ حضاري عريق (يختلف كليا” عما هو حاصل بين روسيا وأوكرانيا كحرب داخلية نسبيا”) لا تفوقها فداحة سوى مواجهة مباشرة مع الصين أو روسيا؟ فهل ستكون هذه الحرب في حال خرجت منها ايران منتصرة أو سالمة اللحظة المنتظرة لولادة نظام عالمي جديد ينهي المهازل وما اسماه الان دونو Dono “نظام التفاهة” التي تحكمه دولة يخضع رئيسيها الاخيرين ترامب وبايدن لامتحان الاهلية العقلية والعقلية-البدنية على التوالي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى