ليس تصنيف حزب الله منظمة ارهابية او استهدافه بالعقوبات من قبل الولايات المتحدة وحلفائها على الساحة الدولية، أمرا جديدا. غير ان وتيرة التصويب عليه، وأوجُه هذا التصويب، اتخذت في الاشهر القليلة الماضية أشكالا متعددة أوحت بقرار مبرم بتضييق الطوق حول عنقه الى الحد الاقصى. وبحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن هذه العملية ستستمر حتى بعد خروج الرئيس الاميركي دونالد ترامب من البيت الأبيض، وقد حمل الاسبوع المنصرم الادلة الساطعة على هذه الحقيقة.
ففي تطور لافت، صدر قرار عن الكونغرس الأميركي بإجماع الحزبين “الجمهوري” و”الديموقراطي”، يتضمّن مطالبة واضحة بإشراك محقّقين دوليّين في التحقيق بكارثة انفجار مرفأ بيروت، داعياً في إحدى فقراته إلى تحديد أسباب سوء الإدارة. ولم يخل القرار من تلميح الى تورط الحزب في الانفجار. فنصّ القرار 682، وبعد شرح مفصّل عن الحادث وتداعياته، اعتبر ان حزب الله، الذي دعم وحلفاءه تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب قاد، إلى جانب الفساد المستشري وسوء الإدارة لبنان إلى حافة الانهيار الاقتصادي. وأشار القرار إلى أن لدى الولايات المتحدة مخاوف بشأن استخدام حزب الله مرفأ بيروت “كنقطة عبور وتخزين لمنظمته الإرهابية”. وشدّد على أن “وجود حكومة في لبنان خالية من تدخل إيران وحزب الله أمر يندرج في مصالح الأمن القومي الأوسع نطاقاً للولايات المتحدة وشركائها وحلفائها”. ودعا القرار حكومة لبنان إلى إجراء تحقيق نزيه وشفاف، في سبب الانفجار، والمسؤولين عنه، على أن يكون خبراء دوليون محايدون جزءاً من فريق التحقيق، مع دعوة أخرى إلى حكومة لبنان لاستعادة الإيمان والثقة بها من خلال إعطاء الأولوية للسياسات والبرامج التي تعزّز مصالح شعب لبنان.
هذا القرار أتى غداة ضربة قوية، أولى من نوعها، تلقّاها الحزب، أتت على شكل خرق “الكتروني” لِما يسمى مصرفُه، مؤسسة “القرض الحسن”. فقد قرصنت مجموعة لم تعرف هويتها بعد، حسابات المؤسسة وكشفت اسماء وهويات المتعاطين معها، مقترضين ومودعين، داعية اياهم الى وقف تسديد مستحقاتهم ووقف التعاون مع حزب الله و”مصرفه غير الشرعي”.
وفي وقت تستمر العقوبات على الحزب ومموليه، وقد توسعت دائرتها لتطال منذ اسابيع حلفاءه السياسيين فشملت رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ومستشار الرئيس نبيه بري النائب علي حسن خليل والوزير السابق عن المردة يوسف فنيانوس، في رسالة واضحة الى هؤلاء بأن استمرارهم في تغطية الحزب وممارساته، لن تمرّ، ضربُ أذرع الحزب العسكرية المنتشرة في المنطقة، يتواصل في وتيرة شبه اسبوعية. فمنذ ايام قليلة، كشف المرصد السوري لحقوق الانسان معلومات عن تدمير مستودعات للصواريخ والذخائر تابعة لحزب الله والمليشيات الموالية لإيران في منطقة “النبي هابيل” بريف الزبداني في سوريا، بعد استهدافها بصواريخ إسرائيلية. كما أوضح أن تلك المستودعات محفورة ضمن الجبل، مضيفا أن الضربات أدت إلى وقوع قتلى وجرحى في صفوف المجموعات الموالية لطهران.
ويحصل كل ذلك، فيما مسار تصنيف حزب الله بذراعيه العسكري والسياسي، منظمة ارهابية، يتقدّم ويتعزز، بحيث حذت دول اوروبية عدة، حذو الولايات المتحدة والدول الخليجية، في وقف التمييز بين جناحيه… عليه، هل يعني ذلك ان ساعة تحويل الحزب فريقا “سياسيا” أعزل، كباقي المكونات اللبنانية، دقّت دوليا؟ على الارجح نعم، تقول المصادر، ومن هنا تتوقع مزيدا من التشدد من قبله تجاه الحكومة المرتقبة والنظام السياسي وقانون الانتخاب، فتعوّض له “سياسيا” ما سيفقده عسكريا، تختم المصادر.
المصدر: “الوكالة المركزية”