أخبار محلية

ميشال المرّ ومارسيل غانم: شكراً.. بعيداً من الأحقاد

من منّا بلا خطيئة فليرجم مارسيل غانم بحجارة وليس بحجر.

قد يكون مارسيل غانم أخطأ في التعبير عن موقفه حول مطالبة بعض أفراد الطاقم التمريضي بتأمين مساكن قريبة من المستشفيات حيث يعملون. ونعم، بدا كأنّه يتهجّم عليهم. مع أنّ سلوكه خلال الحلقات الأخيرة من برنامجه “صار الوقت” أظهرت حرصه الشديد على كلّ العاملين في القطاع الصحي، والذي يعرّضون حياتهم وحياة عائلاتهم للخطر بفعل الاحتكاك الدائم مع حاملي فيروس “كورونا” والمصابين به.

جلّ ما أراد الرجل الإشارة إليه، هو أنّ لحملة التبرعات التي يقودها، أولويات صحية واستشفائية، وأنّ بعض المتطلّبات قد تؤجّل إلى مرحلة لاحقة، خصوصاً وأنّ احتياجات المستشفيات غير قابلة للتأجيل. ويفترض تالياً أن ينصبّ الاهتمام على الشؤون الصحية الملحّة قبل غيرها.

إقرأ أيضاً: غود بوي زياد… غوود بوي

قد يكون أسلوبه مبالغاً فيه،  لكن ما قام به الرجل خلال الأيام الأخيرة، يعطيه صكّاً لنغفر له خطاياه. وما تعرّض له خلال اليومين الماضيين فيه الكثير من الظلم.

فما قام به، هو وأعضاء برنامج، وأسرة mtv، وعلى رأسها ميشال المرّ، عجزت حكومات عن تحقيقه، حكومات “بأمّها وأبيها”. فقد أظهرت mtv وعياً كبيراً في ممارسة “المسؤولية الاجتماعية”. فألهبت حماسة الكثير من اللبنانيين وأيقظت حسّهم الوطني للوقوف إلى جانب كل من أصابه الوباء بمرض أو بنقص مادي أو مالي. بدليل أنّ مارسيل غانم لم يخطّط لقيادة حملة التبرعات، لا بل تطوّرت الأمور بعفوية مطلقة أثمرت في حلقة استضاف خلالها الوزير السابق محمد جواد خليفة إلى تجميع 4 مليارات ليرة لبنانية.

وبعد تلك الحلقة، نظّم حملة أنشأ خلالها لجنة يُشهد لها بشفافيتها كونها تضمّ شركة تدقيق عالمية ونقابة المحامين وإدارة المحطة، لحشد التبرعات. وجمعت في ليلة واحدة نحو 26 مليار ليرة لبنانية، في ساعات قليلة، لمساعدة المستشفيات والمساجين والطواقم الطبية.

في جولة سريعة بحثاُ عن مبادرات اجتماعية مشابهة حول العالم، لمواجهة تفشّي فيروس الكورونا، نعثر على مبادرات نظّمتها دول وشركات كبرى، وتنوّعت بين هدايا هي عبارة عن باقات إنترنت مجانية للمشتركين كي يلتزموا منازلهم في إطار التدابير الاحترازية، أو إتاحة طلب منتجات مثل الحليب عبر الإنترنت، توزيع الكمّامات مجاناً، أو تأمين وجبات غذائية…

ومقابل التدهور المالي الذي أصاب الأسواق العالمية والذي سيعرّض الاقتصاد العالمي لأزمة غير مسبوقة، إندفعت حكومات دول كبرى ومؤثّرة مالياً، إلى تخصيص حزم مالية لمواجهة “الفيروس الاقتصادي” الذي سيضرب الكرة الأرضية فور هدوء العاصفة الصحية وانقشاع الرؤية.

لكن في لبنان، مبادرة اجتماعية وحيدة يُشهد لها في “زمن المصائب”. تمكّنت قناة mtv مع مارسيل غانم من تحقيق ما عجزت عن تحقيقه الحكومة منذ تأليفها. لقد صنعت فارقاً كبيراً، عبر تعويض شيء من الإفلاس الذي يصيب الخزينة العامة. وقد لحقت بها مؤسسات إعلامية منافسة، لكن دون قدرة على جمع ولو مليار ليرة واحد، من مليارات الـmtv.

لم يسبق أن مرّ على لبنان ظرف مالي أسوأ من الظرف الذي نعيشه: إفلاس في الخزينة العامة، مصارف شبه مقفلة، ودائع مجمّدة، وظائف تتراجع، وأوضاع صحيّة وسياسية وأخلاقية مأساوية.

ربّما يمثّل مارسيل غانم بعض التناقض مع بعض اللبنانيين. لكن بالتأكيد ليس اليوم، ولا الزمن، زمن محاسبته

ومع ذلك، تمكّنت المحطة من ضرب رقم قياسي في القدرة على جمع حوالى 35 مليار ليرة، بينما أظهر التقرير المرسل من جانب الصندوق الخاص لمكافحة فيروس “الكورونا” التابع للحكومة، أنّ التبرّعات لم تتخطَّ عتبة الـ65 مليون ليرة. في المقابل، بلغت الحملة التي أطلقتها محطة أخرى حتى لحظة كتابة التقرير، أقلّ من 200 مليون ليرة.

ومع ذلك، تعرّض حساب مارسيل غانم على موقع تويتر للقرصنة بموازاة إنشاء عشرات الحسابات المزوّرة التي راحت تصبّ النار على زيت الممتعضين من ردة فعل الإعلامي بإزاء مطالب بعض الممرّضين. فيما أوضح مارسيل مقصده، وردّت عليه نقابة الممرّضات والممرّضين معلنة تفهّمها ما قاله وأنّ “مواقفه السابقة خير دليل على ذلك وخاصة الكلام الذي قيل عند استضافة النقيبة وتحميلها تحية لكلّ ممرّضات وممرّضي لبنان”.

لكنّ الأحقاد كثيرة. ربّما يمثّل مارسيل غانم بعض التناقض مع بعض اللبنانيين. لكن بالتأكيد ليس اليوم، ولا الزمن، زمن محاسبته، على حدّ قوله مرّات ومرّات، أو إغلاق حساباته على مواقع التواصل، أو الانتقام منه. فالبشرية كلّها في مركب واحد، فيما بعض اللبنانيين غارقون في أحقادهم.

قليلاً من التسامح في زمن كورونا لا يرحم أحداً. قليلاً من التسامح. “لاحقين”.

المصدر موقع: أساس

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى