أخبار محلية

في زمن الأزمة وحده جنبلاط … “المسؤول”

"ليبانون ديبايت" - علي الحسيني

في الوقتِ الذي كان يجتاح فيه فيروس “كورونا” أجساد اللبنانيين ومناطقهم من دون أن يُفرّقَ بين طائفةٍ واخرى، كانت المبادرات الفردية لعددٍ كبيرٍ من المسؤولين السياسيين في البلد تغيب عن واجهةِ الحدثِ تاركة المواطن يتخبَّط بعجزه في البحثِ عن ملجأ يستند اليه في أزمةٍ شديدةٍ وضعته أمام الحياة أو الموتِ خصوصًا مع بدء انتشار الوباء الذي أدى الى تخبّط الدولة وأجهزتها ومؤسساتها وتحديدًا الصحيّة منها.

كثيرًا ما جرى المديح برادارات “المختارة” العابرة للأجواء في المنطقة في السلم والحرب والثناء على قراءاتِ زعيم الجبل وليد جنبلاط للأحداثِ سواء قبل وقوعها أو التحذير من مخاطرها عند هبوب عواصفها. هذا مع العلم أنّه كثيرًا ما إتهم جنبلاط من خصومه بأنه يقرأ بشكل خاطئ بعض المستجدات، منها على سبيل توقعه نهاية النظام السوري يوم امتزجت توقعاته مع عواطفه تجاه الشعب السوري، لكن تلك الحقبة لا تُلغي أن للرجل قراءة خاصة في المتغيرات والمخاطر خصوصًا التي تهبّ بين الحين والآخر من الخارج، فما بالك إذا كانت هذه المخاطر تتعلق بمصير لبنان وشعبه.

قبل وصول “كورونا” ولبنان يعاني من أزمةٍ إقتصاديّةٍ وماليّةٍ خانقة قد عصفت بالمجتمع اللبناني، فلم تترك منه أي غنيّ أو فقير إلّا وأرخت بثقلها عليه، يومها استدركَ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط خطورة المرحلة الصعبة مسارعًا إلى التخفيفِ عن منطقتهِ وربما أبناء مذهبهِ بمساعداتٍ ماديةٍ وغذائيةٍ وغيرها من مقوّمات الصمود، وسط دعواتٍ منه إلى البدءِ بزراعةِ القمحِ والحبوب كخطوةٍ أولية للصمودِ واعتماد نمطٍ اقتصاديّ إنتاجيّ تعاونيّ بدل “اقتصادِ الخدماتِ السّابق الذي انتهى”.

مع انتشار فيروس “كورونا”، سارعَ جنبلاط إلى القيام بواجباتهِ أوّلًا كمسؤولٍ سياسيّ تجاه منطقتهِ وأبناء مذهبهِ وثانيًا كرئيسِ حزبٍ وزعيمٍ لطائفةٍ لم تجد فيه إلّا جبلًا تتَّكِئ عليه خلال الأزماتِ، مُدخلًا الطمأنينة إلى قلوبهم من خلال تأكيده أنّ “التجهيزات لمواجهةِ الفيروس متوفرة لدى الحزب، والمنظمات الرديفة وجميعنا تحوّلنا الى ورشة عمل تضمَّنت حملات التوعية، وتعقيم السجون ودور العبادة، لافتًا إلى أنّ “إمكاناته موجودة لخدمةِ أهل الجبل واللبنانيين لمواجهةِ كورونا”.

من جهة أخرى، الغى جنبلاط إحياء ذكرى استشهاد والده في السادس عشر من الجاري حفاظاً على السلامة العامة، وتماشيًا مع حظر الاجتماعات أو التجمّعات الشعبية وراحَ يحث المسؤولين والقياديين وعناصر حزبهِ، على عدم توفير أيّ جهدٍ شخصي أو حزبي للوقوفِ الى جانب أهل الجبل بكلّ أشكال وأنواع المساعدات والتجهيزات الطبية لعددٍ من مستشفيات ومستوصفات الجبل. بالإضافة الى تجهيز قسمٍ في مستشفى عين وزين، مع دعمٍ مادي لمستشفى الإيمان ومستشفى الجبل في المتن الأعلى، وتأمين جهازٍ تنفّسي لمستشفى سبلين الى جانب تأمين مادة المازوت في معظم قرى الجبل والساحل.

ولا يُنسَى لوليد جنبلاط اهتمامه بالسجون اللبنانية والوضع الإنساني الصعب الذي يعيشه السجناء، إذ أوعَز إلى الفريق المُحيط به إرسال أجهزةٍ للتعقيم وما يلزم للسجناء من احتياجاتٍ ضرورية.

ويُضاف الى الأمور هذه، تبرّعه الأحد الماضي لمستشفى رفيق الحريري الحكومي والصليب الأحمر اللبناني.

هذه التقديمات والمساعدات كلّها جاءت في وقتٍ صعبٍ وحرجٍ، في حين أنّ المسؤولين ينامون حريرٍ منسوجٍ من حقوق اللبنانيين ومشغولٍ بفضل تعبهم ومستقبل أولادهم وسرقة أحلامهم.

وبغض النظر عن الإجماع في لبنان حول شخصيّة وليد جنبلاط لجهة تقلّباتهِ السياسيّة أو ازدواجيّة تعاطيه مع بعضِ الملفات أو الأحداث، إلّا أنّه يُسجَّل له إنسانيَّته ومسؤوليته عندما تتعلق الأمور بالناس وصحتهم، وربما تكون مبادراته اليوم قد جاءت في وقتها لكي تفضح إهمال العديدِ من المسؤولين لحقوق الناس وأوجاعهم في مرحلةٍ لا تميّز بين مسؤولٍ رفيعٍ مواطنٍ فقيرٍ، إذ أنّ الجميع هو اليوم على قناعة بالآية التي تقول، “وما تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى