مع بداية هذا الأسبوع، عمدت مصارف لبنانية إلى خفض سقف السحوبات بالدولار إلى النصف، ضمن اجراءات جديدة اطلقها بعض البنوك صباح اليوم، تسهم في تضييق الخناق على المودعين، في ظل شح الدولار، وأزمة اقتصادية هي الأسوأ منذ عقود.
وخفّضت مصارف لبنانية عدّة سقف السحوبات بالدولار بنسبة خمسين في المئة بدءاً من مطلع الشهر الحالي، وفق ما تبلغ مودوعون اليوم.
وشدّدت المصارف منذ نهاية الصيف القيود التي تفرضها على عمليات السحب، خصوصاً بالدولار، والتحويلات إلى الخارج، ما فاقم غضب المودعين الذين باتوا ينتظرون لساعات من أجل سحب مبلغ محدود، في وقت بالكاد يلامس سقف السحب الشهري الألف دولار.
وأكدت ثلاثة مصارف على الأقل، تعدّ من الأبرز في لبنان، رداً على أسئلة وكالة فرانس برس الإثنين، أنها خفّضت سقف السحوبات الشهري منذ مطلع العام بنسبة خمسين في المئة.
وبات السقف المسموح به في عدد من المصارف لا يتخطى 600 دولار من الودائع التي تقلّ عن 100 ألف دولار، أما من تتخطى قيمة حسابه المليون دولار فيمكنه سحب مبلغ يتراوح بين ألفين وثلاثة آلاف دولار شهرياً بحسب المصرف.
ونشر مودوعون على حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي صور الرسائل التي تلقوها من مصارفهم، معربين عن امتعاضهم منها، في وقت تغرق البلاد في أزمة اقتصادية تعدّ الأسوأ في تاريخ البلاد خسر معها عشرات الآلاف من اللبنانيين وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم.
وشهد لبنان منذ 17 تشرين الأول/أكتوبر تظاهرات غير مسبوقة ضد الطبقة السياسية التي يحملها اللبنانيون فشلها في إدارة الأزمات السياسية والاقتصادية المتلاحقة. وأدت التظاهرات إلى استقالة الحكومة السابقة، وتشكيل حكومة جديدة الشهر الماضي برئاسة حسان دياب، تراجعت على إثرها وتيرة التظاهر.
وتضع الحكومة لمساتها الأخيرة على بيانها الوزاري، الذي يفترض أن يجسّد رؤيتها لإدارة المرحلة المقبلة، ويُفترض أن تنال على أساسه ثقة البرلمان، قبل مباشرة عملها.
ويرى متظاهرون ومحللون في الاجراءات عملية “اقتطاع” من الودائع بحكم الأمر الواقع، كونها ترغم المودعين على التعامل بالليرة، التي لا يزال سعر صرفها الرسمي مقابل الدولار مثبتاً على 1507، بينما تخطى في السوق الموازية عتبة الألفين.
ورغم نفي المصرف المركزي والمصارف أي توجه في هذا الإطار، وطمانتها أن الودائع بخير، إلا أنّ الممارسات تظهر العكس وتثير غضب الشارع الذي فقد ثقته بالقطاع المصرفي.
وطالب حاكم المصرف المركزي رياض سلامة الشهر الماضي في رسالة وجّهها الى وزارة المالية منحه الصلاحيات اللازمة لتنظيم هذه الاجراءات ومنحها الغطاء القانوني. ولم يتضح ما إذا كان قد تلقى رداً أم لا.