تحت عنوان ” عن قلق جنبلاط وطيفه المتواجد في الحكومة” كتبت غادة حلاوي في صحيفة “نداء الوطن” وقالت: صار الحزب “الاشتراكي” خارج الحكومة، وهي المرة الأولى منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري العام 2005 التي يكون فيها خارج السلطة التنفيذية. كان خروجه الأول إبان حكومة سليم الحص في عهد الرئيس اميل لحود العام 1998 يوم تمثلت الطائفة بالوزيرين عصام نعمان وأنور الخليل، وفي عهد حكومة عمر كرامي 2004 تمثلت بالوزيرين وئام وهاب الذي اكسبته التجربة لقب المعالي، وطلال ارسلان. فهل اقتنع ألا يكون ممثلاً بهذه الحكومة؟ في تقدير بعض المقربين أن طيف جنبلاط حاضر في الحكومة من خلال الوزيرين الدرزيين منال عبد الصمد ورمزي مشرفية. الوزيران يتمتعان بسيرة حسنة وخلفية سياسية لا تبعد كثيراً عن طيف الزعيم الدرزي، لا سيما الوزيرة الصمد
بعد فشل مساعي انضمامه مباشرة كان حرص الثنائي الشيعي على عدم اختيار شخصيات تستفزه في الحكومة وبالفعل تم استبعاد البعض لعدم مطابقتهم المواصفات بمقياس الزعامة الجنبلاطية.
الزعامة المهددة
يعرف جنبلاط كيف يرسم خط العودة عند اللزوم، خصوصاً أن وضعه الراهن لم يعد مشابهاً لسابق عهده. ذاك أن جنبلاط الذي يستمد قوته من ثقله وحضوره وسط طائفته أولاً، بدأ يشعر وكأن دور هذه الطائفة آخذ في التراجع، ما سينعكس حكماً على زعامته وزعامة ابنه تيمور من بعده
ثمة خوف على أن يصبح وضع الدروز مماثلاً لوضع العلويين بأن يستجدوا حقيبة وزارية من هنا ومقعداً نيابياً من هناك مع تراجع الحضور السياسي لجنبلاط وسط خريطة التحالفات السياسية. وتظهر نظرة سريعة على واقع التحالفات أو العلاقات بين القوى السياسية أن جنبلاط يبدو بعيداً من فريق “14 آذار” وليس قريباً أبداً من قوى الثامن منه. صار في خط الوسط بين بري والحريري
تكاد كل القوى السياسية تصمد على موقفها إلا جنبلاط المتقلب بلا حرج. تميّز دوره كبيضة القبان بين القوى السياسية، لم يعد حضوره على الثقل ذاته، ربما لتغيّر المعادلات الداخلية والإقليمية وحتى الدولية وتبدلها. وحدها علاقته برئيس مجلس النواب نبيه بري لا تزال تشكل له ضمانة وحضوراً لحرص الأخير على وزن جنبلاط ودوره السياسي بما يمثل ومن يمثل. ومن يخطر له أن يكون أي حراك سياسي بلا مكون درزي فهو واهم، اثبتت تلك المعادلة جملة أحداث داخلية لكن حراك جنبلاط اليوم وتنقله بين القوى السياسية ينم بلا شك عن قلق يساوره على مستقبل طائفته اولاً والمستقبل السياسي لنجله تيمور ثانياً وأخيراً.
بعدما انسحب مخلياً الساحة لتيمور، استعاد حضوره مع بداية الأزمة ليتراجع حضور نجله. ويبدو أن الحراك فرمل اطلالة النائب الشاب بعدما ارتأى الاب أن من الافضل أن تكون المرحلة الراهنة بلا تيمور في الواجهة خشية أن يدخله أي تحرك في تناقض مع جو الحراك الشبابي الذي يشهده الشارع.
ما يصبو اليه جنبلاط محاولة تطويق الأزمة وتداعياتها. قصد رئيس مجلس النواب نبيه بري، ثم رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.
واقع الأحداث على الأرض وفشل فريق 8 آذار بتأليف الحكومة، أعاد الحرارة إلى خط المختارة – بيت الوسط، فذهب زعيم المختارة مذكراً بالعلاقة مع الحريري
يتحضر رئيس الحزب الاشتراكي لحركة سياسية إنطلاقاً من قناعته أن هذا هو دوره في البلد لحظة يمر في أزمات كبرى، يشعر في ظلها أن طائفة الموحدين الدروز في جبل لبنان ستكون أكثر طرف يتأثر بالاجواء، والمداواة لا بد أن تكون من خلال حركة سياسية مروحتها واسعة فيخرج من البعد الدرزي نحو البعد السياسي الموسع.
وبعد بري والحريري من المتوقع أن تشمل زياراته حزبي “القوات اللبنانية” و”الكتائب”، وغيرهما من القوى السياسية في محاولة للقول إن لبنان لا يمكنه أن يكمل على وضعه السيئ حيث التباعد بين الشارع والواقع السياسي، لأن أي اختلال بالصيغة السياسية سيتأثر به جنبلاط حكماً كطرف أول فلا بد من إرساء قواعد سياسية جديدة تتعاطى مع المرحلة لأن انهيار الصيغة يعني انهيار الجميع وأولهم الدروز.
تقول المصادر إن الزعيم الدرزي “لا يحضّر لجولة سياسية وليست لديه أجندة ولقاءاته ليس مخططاً لها لتكون مبرمجة، هي فقط محاولة لمنع انفلات الأوضاع لقلقه من الموضوع الإجتماعي، نظراً لوجود مؤشرات مخيفة لديه، ولذا لا يمكن بسبب الخلافات الحزبية ترك الأمور للناس كي تأكل بعضها في الشوارع وعلى هذه القاعدة مطلوب التنسيق والمهم تسيير أمور البلد”.
المصدر: نداء الوطن