«السيّد أنطونيو غوتيريس
الأمين العام للأمم المتّحدة
نعاني نحن، عدد من النواب في البرلمان اللبناني ومن المنظّمات غير الحكومية ومن المثقّفين المستقلّين، من الفساد في المؤسّسات العامّة اللبنانية والتفلّت من العقاب، فنرجو من سعادتك مساعدة الشعب اللبناني لاستعادة الشفافية والصواب، من خلال إنشاء لجنة للأمم المتّحدة لمحاربة الحصانة والفساد من أجل لبنان.
وعلى مثال لجان الأمم المتّحدة لمكافحة الفساد التي أنشئت في كلٍّ من غواتيمالا وهندوراس والسلفادور، نحثّك على اتّخاذ جميع الخطوات والضغوطات المناسبة للعمل مع بعض من أعضاء النيابة العامّة وكيانات قضائية لبنانية مختارة للتحقيق في جميع أعمال الفساد وانتهاكات السلطة وحقوق الإنسان والإثراء غير المشروع. ونتطلّع إلى أن تتمتع اللجنة بالقوّة والنفوذ الذي يمكّنها من توجيه اتّهامات ضدّ أي شخص وأي كيان ارتكب أعمالاً جرمية أو فساداً أو أي عمل غير قانونيّ.
ونتطلّع إلى وجود أعضاء في اللجنة، يساعدوننا على تأمين محقّقين مؤهلين وذوي خبرة، إضافة إلى عدد من الخبراء في الطب الشرعي وفي التكنولوجيا والمعلومات، وخبراء بيئيين وتربويين وماليين ومدّعين عامين لمساعدة النائب العام لدينا.
قال الأمين العام الراحل، كوفي أنان، في عرضه لاتّفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد:
«الفساد طاعون خبيث له مجموعة آثار مدمّرة على المجتمعات». يقوّض الديمقراطية وسيادة القانون، يؤدّي إلى انتهاكات لحقوق الإنسان، يشوّه الأسواق، يفسد نوعية الحياة ويفتح المجال أمام الجرائم والإرهاب وغيرها من التهديدات التي تطال الأمن البشري. هذه الظاهرة الشريرة موجودة في كلّ البلدان – صغيرة كانت أم كبيرة وغنية كانت أم فقيرة – إلّا أنّها تكون مدمّرة أكثر في البلدان النامية. يضرّ الفساد بالفقراء بشكل غير متناسب، من خلال تحويل مسار الأموال المخصّصة للتنمية، وتقليص قدرة الحكومة على توفير الخدمات الأساسية، وتغذية اللامساواة واللاعدالة، ما يؤدّي إلى تقليل عزيمة المساعدات الأجنبية والاستثمار. الفساد هو عنصر أساسي، وهو نقص في الأداء الاقتصادي وعقبة رئيسية أمام التخفيف من حدة الفقر والتنمية».
وهذا صحيح بالنسبة للوضع في لبنان. وإنّ اعتماد اتّفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد وتصديق الدول عليها، رسالة واضحة تدلّ الى أنّ المجتمع الدولي مصمّم على منع الفساد والسيطرة عليه.
وكانت الاتّفاقية بمثابة تحذير بأنّ الفساد لن يكون مسموحاً، وسيعدّ خيانة للثقّة العامّة والمسامحة عليه غير ممكنة.
وقّع لبنان الاتفاقية، أي صدّق عليها، في 22 نيسان من العام 2009. وفي هذا الصدد، كانت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) ولا تزال اتّفاقاً، صدّقت عليه الحكومة اللبنانية بشكل رسميّ لدعمه وتنفيذه. وكان ذلك الملف قد ظهر بالإضافة إلى ملفٍّ تاريخيٍّ آخر وهو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة.
من الناحية المثالية، قدمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد مجموعة شاملة من المعايير والتدابير والقواعد التي يمكن لجميع الدول تطبيقها من أجل تعزيز أنظمتها القانونية والتنظيمية لمكافحة الفساد. تطلّب ذلك من الدول الأعضاء أن تعيد الأصول التي تمّ الحصول عليها عن طريق الفساد إلى البلد الذي سُرقت منه.
وهنا، نشير إلى قرار الجمعية العامة 58/4 المؤرّخ في 31 تشرين الأوّل 2003.
وبالتوافق مع اللجان المماثلة، نقترح أن تكون مهمّتها:
– التحقيق في وجود قوّات أمن غير مشروعة ومنظّمات سرّية ترتكب جرائم تؤثّر على حقوق الإنسان الأساسية للشعب اللبناني، وتحديد الهياكل غير القانونية للمجموعات (بما يتضمّن الصلات بين المسؤولين والجرائم المنظّمة)، الأنشطة، أساليب العمل ومصادر التمويل.
– تعيين موظّفين محترفين لدعم المؤسّسات اللبنانية المختارة، خصوصاً المدعي العام، في تحقيقه مع الأفراد المتورطين في مجموعات غير قانونية ومحاكمتهم، وتقديم توصيات إلى الحكومة اللبنانية من أجل اعتماد سياسات وإجراءات عامة جديدة تهدف إلى القضاء على هذه الجماعات وتعزيز قدرة الدولة على حماية حقوق الإنسان الأساسية.
– التحقيق في عمليات الفساد والإثراء غير المشروع التي ارتكبها مسؤولون في الدولة أو أي شخص يروّج ويدعم الفساد والأعمال غير القانونية.
– دعم مكتب المدعي العام في الملاحقات الجنائية، والمشاركة كمدعي عام تكميلي (querellante adhesivo).
نشكر لكم مساعدتكم من كلّ قلبنا، ونتطلّع إلى هذا التعيين المهمّ جدّاً الذي من شأنه أن يسمح لشعبنا استعادة الحكم الطبيعي والإنضمام إلى المجتمع الدولي في تنفيذه العدالة والحرية ومكافحة الإرهاب والأصولية».
الجدير ذكره أنّ العريضة كانت فكرة جرى التنسيق لها مع شخصيات فاعلة في الأمم المتحدة، ومع إشارة الضوء الأخضر لاسيما بعد المحطات المفصلية التي مرّ بها لبنان، جرى العمل على بلورتها في الداخل بالتنسيق مع الخارج في ضوء المحطات المفصلية التي مر بها لبنان منذ 17 تشرين الأول لتصبح عريضة رسمية تظلّلها قوى أممية لتكون فاعلة وتحقق غايتها، فتصبح مطلباً أممياً وليس فقط لبنانيّاً بعد خضوعها للتصويت الدولي.