منذ أن بدأت ثورتنا المحقة، ونحن كثوار أحرار نزلنا الى الشارع وعبرنا عن رأينا رغم كل التحديات.
ومنذ الفجر التالي، طالبنا المتحزبين بعدم الانضمام الينا إذا لم تكن طلباتنا مقدسة لهم، وإذا لم تكن لديهم الإمكانية في محاسبة زعمائهم الذين هم في السلطة منذ نهاية الحرب في لبنان.
مطلبنا كان موحداً: استعادة الأموال المنهوبة، وحكومة تكنوقراط مستقلة.
أصبح الجميع يعرف أهمية الوزراء المستقلين لخلاص لبناننا.
ثقتنا بالطبقة الحاكمة معدومة، وتعبنا من “الحق عليه، الحق مش عليّ”.
وحدها الحرية تبني وطناً جديداً.
لم يكن هناك سبب لوجود ثورتنا لولا استغلالهم للسلطة.
فالبعض يقول، هذه الثورة مبرمجة، والبعض يقول هذه ثورة سفارات ضد العهد، والبعض يقول هذه ثورة أميركا لأنهم لا يريدون الحريري في السلطة بسبب اتفاقه مع “حزب الله”.
فعلاً، هذه الثورة بدأت بظروف غريبة، وكأنهم يحقنونا للنزول الى الشارع ونبدأ بالانقلاب على سياسيي البلد.
وإنما الجميع يشهد على عدم وجود منطق في السياسة الداخلية، حيث الانقسام الطائفي يؤذينا جميعاً، ولا أحد يجرؤ على محاسبة حزبه.
أود التوضيح هنا أنني لست ضد الأحزاب، فهي خلقت لتنظيم قواعد السياسة الداخلية والخارجية، ومحاسبة المسؤولين بجدية، وليس لتستر على الباطل والحكم من خلال الصفقات.
بعد مرور الوقت على الثورة، جاء إلينا الزعماء بشخص ليس معروفاً جداً في الساحة السياسية، أستاذ جامعي، معروف عنه عناده وحبه للوطن، اذ خدم لبنان في وزارة التربية والتعليم العالي، ولم يجدوا ملف فساد واحد في مسيرته.
كانت ردة فعل الشارع قوية، إنما تم التعبير بطريقة لا تتكلم لغة الثورة. وهنا كانت ردة فعل الثوار بعكس الطائفيين، نحن لا نتكلم لغة طائفية، انما وطنية.
قرر الثوار الاحرار إعطاء فرصة للرئيس المكلف، فربما يكون هو الجسر الاساسي بين الثوار والحكام.
لكن، تبيّن لنا أنهم ليس لديهم نية التغيير. ومرة أخرى، تكلموا بالمحاصصة.
أرادوا التهويل بورقة دياب، ولم يأخذوا بعين الاعتبار ان هذا الشخص بالذات ولاءه فقط لوطنه.
فانقلبت المقاييس ولم يفعل ما يريدونه.
لقد تعرفت على د. دياب من خلال شبكة الـ”لينكدإن”، ولم أفكر مطلقاً أن هذا الشخص المحترف في عمله كنائب رئيس جامعة، سيكون يوماً رئيس وزراء.
للوهلة الأولى، لم أتقبل أن تكون تسميته من قبل سياسيين غير مرغوبين في لبناننا. وكنت أتردد في إبداء رأيي السياسي، كفرد من الثوار يعادي جميع الأحزاب التي لم تقم بواجبها السياسي طوال هذه الأعوام، مما أوصل البلد إلى ما نحن عليه من جوع وفقر وذل.
انتظرت إلى حين إعلان نتائج التأليف، وراقبت حركة الشارع.
تفهمت الغضب وعدم الثقة، أردت أن أعلم لماذا تم اختياره هو وليس شخصاً آخر من طائفته؟
لماذا جاؤوا بشخص غير مليونير، حارب الفساد من وزارته وعمل على تأمين برامج تعليمية واعدة للأجيال الصاعدة؟
فماذا حلّ بهم لتعيينه؟
طبعا بدأت الشكوك، خصوصاً عندما اجتمع دياب علناً مع من سمّوا أنفسهم ثواراً أمام منزله. فانتابنا جميعا شعور الاشمئزاز من الاستخفاف بعقولنا عبر هذه المسرحية.
مرت الأيام وكانت الطبخات السياسية بألف خير، إلى ان رفع صوته وأصر على توزير شخص محبوب من قبل الثوار: دميانوس قطار.
ومن خلال صمته، كنا نقرأ ما بين السطور ونحلل مواقف الثوار والأحزاب وجميع الأطراف السياسية.
ومع مرور الايام، اتضح للجميع أنه لن يرضخ لألاعيب السلطة عليه.
فأثبت للجميع من يعرقل، كيف وماذا يقال.
بقي صامتاً، إلى أن وضع تشكيلة حكومة تشبهه وتشبه الشعب الغاضب على وضعه الحالي. حكومة تنقذ لبنان من الدمار والهلاك.
ربما وجب عليه القبول بحكومتهم، ليعلم كيف يحرق أوراقهم. لكنه مصر على أن تكون مستقلة، كما جاء في بيانه التالي.
لو كان هناك سياسي حالي واحد، لديه نية التغيير وعبر عن رأيه بدعم حسان دياب، لكنت وضعت نقطة استفهام على مبدأ حسان دياب وسياسته.
وإنما أصبح الجميع يحاربه، كما حاربونا وانهالوا علينا في الشوارع.
فلماذا لا نعطي ثقتنا لشخص غير مدعوم من السلطة، ونستفيد من منصبه وقناعته لبناء وطن، ونضع يدنا بيده كثوار ونطالبه بتكليف حكومة صورة عن الثوار،
وإن لم يحصل على ثقتهم، سيكون لنا مركز في دولتنا لوضع حكامنا أمام الأمر الواقع أننا في حكومة تصريف أعمال بقيادة حسان دياب، ولما لا نضغط عندها لوضع قانون انتخابي جديد.
كشخص من الثوار، وجميع حساباتي على شبكات التواصل الاجتماعي تشهد بولائي للوطن فقط، ويدعم الرئيس المكلف منذ اليوم الأول لإعلان تكليفه، أود التعبير عن رأي حر من الثوار، والقول إن كل يوم يمر نضيع على وطننا فرصة البدء بفرض الحلول.
ليس من السهل معارضة الاحزاب الحاكمة، وهو قَبِل التحدي وغيّر توقعاتهم.
بات من الواضح أن الرئيس المكلف يريد فعلاً حكومة لإنقاذ لبنان، بعيدة عن الطبقة السياسية. ومن هذا المنطلق، لنثق به وبحكمته الكبيرة وخبرته في السياسة اللبنانية، بدل أن يسمح لهؤلاء بالاستمرار في التحكم بمصير بلادنا.
فهل فكرتم أنه إذا تم إبعاد حسان دياب عن الحكومة، من سيجلبون؟
الثورة لنا جميعنا، ليست لطائفة، ليست لحزب ولا لشخص… إنها لبناء وطن.
وها هو مثال على رئيس حكومة لطالما حلمنا أن يكون لنا في لبنان مثله. يعاند الزعماء بشدة من أجل مصلحة الشعب. مستقل ومستقيم الرأي، لا يرضخ للأحزاب.
فماذا نريد بعد؟ وماذا ننتظر لدعمه بوطنيتنا وحريتنا في الشارع.
الكلمة الأخيرة لنا، ومن الشارع.
لماذا نضيع الوقت طالما أنه يمكننا مساندة من ساند الثورة منذ اليوم الاول. كيف؟
لنضع يدنا بيده ونبدأ بوضع أسامي من الثوار الأحرار، الاختصاصيين، فليس للبنان سوانا وليس لدينا سوى لبنان لنا جميعا.