تحت عنوان السلطة المسترخية تتقاذف كرة النار، كتبت “الأخبار”: بعدَ انشغال لبنان الأسبوع الماضي بمراقبة الرسائل النارية المُتطايرة في منطقة يُعاد رسم النفوذ فيها، عادتَ البلاد الى واقعها الغارِق في أخطر أزمة مالية – اقتصادية – اجتماعية عرفها تاريخها الحديث.
الشعب يحترق بلهب الأزمة، فيما السلطة تتصرّف وكأن لا وجود لمشكلة تتطلّب حلّاً، ولا حاجة ملحّة إلى التخلّص من تبعاتها، وأثبَت هوسُ مكوّناتها بفكرة الاحتفاظ بالمُكتسبات، أنها مسُتعدّة لحرق ما تبقى من مقومات الدولة، شرط عدم المساس «بعروشها». فالجهات الفاعلة، وبدلاً من أن تنخرِط في عملية البحث عن تصوّر، أقله، لضبط الانهيار، لا تُكلّف نفسها حتى عناء الخروج بوعود إصلاحية، ولو كذباً. وهي اليوم ترتكِب خطأً استراتيجياً بالتمادي في سياسة الإنكار لطبيعة المأزق الأساسي وما يستولده من أزمات ما عادَ بالإمكان ترقيعها أو إخفاؤها. وهي من حيث لا تدري، تصُبّ بإنكارها هذا الزيت على نار الحراك الشعبي الذي خبا في الفترة الماضية، ومن المرجّح أن يعود ويتّقِد بشكل أكبر في الأيام المُقبلة، بعدَ أن فقد الناس ما تبقى من ثقة بالسلطة الحاكمة
فهذه السلطة لا تزال تتعامل مع الأحداث باسترخاء سياسي. لا يضرّها إذلال المواطنين في المصارف، ولا فلتان الأسعار وتصاعدها، وفقدان بعض المواد من الأسواق. وكأن أحداً فيها لا يسمَع عن الانقطاع المُستمر للتيار الكهربائي، ولا أزمة الغاز التي أعادت صورة الطوابير خشية انقطاع هذه المادة بفعل الصراع بين الوكلاء والشركات المستوردة. وقد بلَغ استهتار هذه السلطة حدّ الاستخفاف بالصرخات التي يُطلقها أصحاب المستشفيات بسبب عجزهم عن شراء المستلزمات الطبية بالسعر الرسمي للدولار، الذي لامسَ يومَ أمس عندَ الصيارفة عتبة الـ2500 ليرة
كل هذه المأساة تُقابلها السلطة بكباش حكومي على الأوزان والحصص والحقائب والأسماء. كل طرف من المتفاوضين يرمي المسؤولية على الآخر. تارة يهدّد بالانسحاب وتارة أخرى بسحب الغطاء عن الرئيس المكلف حسان دياب، ومرة بعدم المُشاركة في الحكومة. حتى وصلَ الأمر في الأيام الماضية الى فرملة الاتصالات بين القوى السياسية التي تعِد «باستئنافها في اليومين المقبلين». وأمام هذا المشهد، عادَ الشارع ليغلي من جديد، حيث يبدأ اليوم أسبوع «الغضب»، الذي لا يضمن أحد المدى الذي يمكن أن يصل إليه.
حتى ليلِ أمس لم يكَن هناك من مستجدّات يبنى عليها في ما يتعلق بالحكومة العتيدة. باستثناء معلومات أكدت أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل سحبا يديهما من دياب. وعلمت «الأخبار» أن عون «أرسل الى دياب موفداً، وهو الوزير سليم جريصاتي، ليبلغه بشكل غير مباشر بأنه لم يُعد مرغوباً فيه كرئيس مكلّف، لكن دياب بقي على موقفه المتشدّد بعدم التنازل». وليسَ صدفة في ظلَ هذه الأجواء أن يستقبِل عون النائب فؤاد مخزومي، وهو اسم مُرشّح لأن يكون بديلاً من دياب، في بعبدا، الأمر الذي فسّرته مصادر في فريق 8 آذار بوصفه «زكزكة لدياب».
المصدر: الأخبار