أخبار محلية

هل حصل “إنقلابٌ” على حسان دياب؟

الراي الكويتية

هل «انتهتْ صلاحية» ورقة تكليف حسان دياب تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان، توطئةً لعودة خيار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، أم أن المناخاتِ التي أعطتْ إشاراتِ «ارتدادٍ» على حكومة الاختصاصيين المعيَّنين من الأحزاب إلى تشكيلة سياسية أو «تكنو – سياسية» هي من ضمن صراع الشروط والشروط المضادة بين أطراف «اللون الواحد» التي ستشارك في الحكومة العتيدة؟
سؤالان دَهَما المشهد السياسي أمس في بيروت، وسط تَرَقُّبٍ ثقيلٍ لمآل «النقْلة» في المواجهة الأميركية – الإيرانية على الواقع اللبناني.
وفيما كانت «المطحنةَ» التي أطاحتْ بمساعي استيلاد الحكومة الجديدة منذ استقالة الحريري في 29 اكتوبر الماضي تستعيد «نشاطها» الذي «أحْرق» في السابق العديد من الأسماء في «سباق التكليف» قبل أن يرسو على دياب (في 19 ديسمبر الماضي)، فإن «غابة الأسئلة» حول خلفيات «التحوّل المفاجئ» في مسار التأليف الذي برزتْ مؤشراتٌ إلى عودته إلى «مربّع» التعقيدات «الأصلية» حول شكل الحكومة وطبيعتها بدت وكأنها تفتح البابَ أمام مرحلةٍ بالغة القتامة في ضوء اعتباريْن: الأول الاستنزاف السياسي الإضافي للوضع اللبناني في لحظةٍ بالغة الخطورة على مستوى المنطقة. والثاني «السيناريو المرعب» الذي تتزايد مَظاهره يومياً في ما خص ترجمات الانهيار المالي – الاقتصادي، وستصبح معها كل فتائل «برميل البارود» الاقليمي والحكومة العتيدة مجرّد تفصيلٍ أمام «الانفجار الكبير».
وليس عابِراً أن «تتكاتف» رزمةُ أزماتٍ كارثيةٍ في «الممرّ الأضيق» قبل السقوط المريع الذي يبدو أن المجتمع الدولي يهابه أكثر من الطبقة السياسية اللبنانية… من تسجيل سعر صرف الدولار أمس رقماً قياسياً ناهز 2400 ليرة لبنانية (السعر الرسمي نحو 1515 ليرة) لدى الصيارفة ما يعني خسارة العملة الوطنية نحو 60 في المئة من قيمتها في غضون 3 أشهر ونيف… مروراً بالتقنين القاسي في تأمين التيار الكهربائي الذي ترَك مناطق عدة في شبه «عتمة على مدار الساعة» في عزّ مرحلةٍ من «عاصفة تسلّم عاصفة» تعيشها طبيعة لبنان وذلك بفعل التأخر في فتْح الاعتمادات… وارتسام أزمة مازوت وغاز ذات صلة بآليات الاستيراد «المتكيّفة» مع شبه «انقراض» السيولة بالدولار من المصارف واضطرار مصرف لبنان المركزي لتوفير «الدولار المدعوم» للسلع الاستراتيجية (بالسعر الرسمي) مع شروطٍ تعترض عليها كل فترة شركات الاستيراد… وصولاً إلى تلويح الأفران بالإضراب المفتوح بحال استدعاء أي من القيمين على القطاع على خلفية خفْض وزن سعر الربطة بما يلائم الفارق الكبير في سعر صرف الدولار… وليس انتهاءً بـ«استغاثة» قطاع الاستشفاء وتلويح المسشتفيات الخاصة بأنها قد لا تتمكن من الاستمرار في نشاطها الطبيعي حتى نهاية الشهر الجاري نتيجة تعذّر استيراد الأجهزة والمستلزمات الطبية.
وفيما كانت مناطق عدة تشهد في الساعات الماضية تحرّكات احتجاجيةً على انقطاع التيار الكهربائي رغم تطمينات وزيرة الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ندى البستاني إلى أن التغذية ستتحسن في اليومين المقبلين مع تفريغ بواخر حمولتها وتحذيرها من أن «كمية الفيول تكفي حتى آخر فبراير 2020»، تهافتَ مواطنون في أكثر من منطقة على مراكز تعبئة الغاز لشراء المادة تَحَسُّباً لإمكان انقطاعها، باعتبارها حاجة ماسة خصوصا للتدفئة مع استمرار الطقس العاصف.
وكل هذا الصخب كان يجري على وقع ما يشبه «انقلاب» رعاة تكليف دياب عليه بعدما كان «أُوحي» بأن تشكيلته من 18 وزيراً من اختصاصيين تسميّهم الأحزاب (تحالف فريق رئيس الجمهورية ميشال عون وحزب الله وحركة أمل وحلفائهم) على وشك أن تبصر النور، قبل أن «يباغته» طرحٌ «لقيط» بالحاجة إلى حكومة سياسية أو تكنو – سياسية لتواكب مقتضيات المرحلة الجديدة إقليمياً عبر وزراء من «الجنرالات» سياسياً.
وإذ صدرتْ أول إشارة جدية بهذا المسار «الانعطافي» عن رئيس البرلمان نبيه بري الذي تحدّث أول من أمس عن حكومة «لمّ الشمل الجامعة»، برزت أمس ملامح تقاذُف أبوة الطرح الذي يتنصّل من حكومة الـ 18 اختصاصياً «المربوطين» بالأحزاب، وسط تقارير تحدثت عن أن أوّل مَن اقترح الحكومة السياسية في اليومين الماضييْن كان فريق عون قبل أن «يتدارك»، في مقابل تأكيد بري في دردشة مع الإعلاميين أنه ليس وراء هذا الخيار «الذي عرضوه عليّ» مذكراً بأنه و«من اول الطريق كنت من دعاة الحكومة التكنو سياسية».
وإذ تفادت أوساط سياسية الجزم بما إذا كان هذا الأخذ والردّ تحت سقف الحكومة السياسية أو التكنو – سياسية يعني أن مرتكزات تكليف دياب قد سقطت لمصلحة استدراج الحريري للعودة، أو أنه في إطار رفْع الشروط في غمرة التعقيدات ذات الصلة بتركيبة الحكومة وإصرار فريق عون (الوزير جبران باسيل) على الثلث المعطل و«الفيتوات» على أسماء مسيحية يصرّ عليها الرئيس المكلف (وفق معيار عدم توزير أي اسم سبق أن شارك في أي حكومة) وتحبيذ مشاركة وزراء «جديرين ومجرّبين»، كانت لافتة «جردة التعقيدات» التي قدّمها بري وغمز فيها من قناة أكثر من طرف دون أن يسمّيه، وصولاً إلى قوله «غير صحيح انني لا أريد دياب وأتمنّى له التوفيق وساعدتُ، ولكن هناك حدوداً لهذا الامر»، ودعوته الحريري لتفعيل حكومة تصريف الأعمال فـ«مش بطيبو، وهذا واجب دستوري»، وهو ما عَكس أن الملف الحكومي صار في «مهب الريح».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى