أخبار محلية

كيف ستتكرر كارثة ‘أنترا’ مع بعض المصارف في الـ2020؟ (صوَر)

في 17 تشرين الأول من العام 1967 إستفاق اللبنانيون على أخبار الصحف حول إفلاس بنك “أنترا” أكبر مصرف بين 99 مصرفاً والتي تجاوزت موازنته خمسة أضعاف موازنة الدولة اللبنانية.

المصرف الذي أسسه الفلسطيني يوسف بيدس في العام 1951 (وكان يمتلك مؤسسات إعلامية منها راديو اوريان وأضخم إستوديو لتصوير الأعمال الدرامية وهو إستوديو بعلبك) بدأ يعاني في شهر أيلول من العام 1966 من مشكلة سيولة مستعصية.

طلب يوسف بيدس من رئيس الجمهورية آنذاك، شارل حلو، دعمَه لنيل قرض من مصرف لبنان، لمنع أزمة سيولة أصبحت متوقعة. لم يتجاوب حلو مع مطلبه، ورفضت حكومة حسين العويني المساعدة، وعمل مصرف لبنان على تشويه صورة “إنترا”، عبر الترويج أنّ البنك على حافة الإفلاس.

كانت بعض الصحف المحلية تحاول تهدئة النفوس عبر تطمين المودعين العرب واللبنانيين عن مصير اموالهم وصحف أخرى تابعة للسلطة كانت تنشر أخباراً عن مصير أسود يتربص بالمصرف المذكور، لكن بعد أقل من 6 أشهر بدأت بنشر تقارير عن خطط لتعويم البنك وعن مراحل الإفلاس التي يمر بها إلى أن أقفل نهائياً بداية العام 1967.

التاريخ يعيد ذاته والمفارقة أن “17 تشرين الأول” هو المشترك بين 1966 و2019، على الرغم من التطمينات غير المقنعة والمُجدية اليوم من قبل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وبعض الإقتصاديين. فالشعب اللبناني خائف جدّياً من تبخر أمواله وإسترجاع ذكرى “انترا” بخسائر، أكبر فهل هنالك قواسم مشتركة بين حادثة أمس وما يحدث اليوم أم هنالك تباعد تام للأحداث.

للوقوف تفصيلياً وعلمياً على ما يحدث وبالوقائع موقع رادار سكوب أجرى إتصال هاتفي بالبروفسور الإقتصادي “كمال ديب” الذي يقيم حالياً في كندا حيث أكد بصراحة أن هنالك “أوجه شبه شديدة بين ما يحدث اليوم وما حدث في 17 تشرين الأول من العام 1966”.

ويضيف “ديب” قائلاً “إنّ خروج السيولة من السوق بدءاً ببنك انترا عام 1966 كان السبب الرئيسي في تعثر البنك وبالتالي لعب الوضع قاطرة “باند واغن” (bandwagon) أصابت القطاع المصرفي اللبناني بأكمله عام 1966. خرج من لبنان ابتداءً من حزيران 2019 بضعة مليارات الدولارات قد تكون قد بلغت 11 مليار دولار يقول “ديب” في سياق حديثه لرادار سكوب، كما خرج من لبنان 3 مليارات في الشهرين المنصرمين وسحب المواطنون من المصارف 2 إلى 3 مليارات دولار. فإذن صعوبة تلبية المصارف لطلبات السحوبات تعود جذورها إلى الصيف ولا علاقة لها بالحراك الشعبي.

النقطة الثانية هي أنّ المبالغ الكبرى التي خرجت من لبنان أو التي تم سحبها وبقيت في البيوت في لبنان تعود إلى كبار المودعين الذين تشاركوا مع أصحاب المصارف في الاستفادة من الفوائد العالية على الديون. ولذلك فضرب السيولة أصاب 85 من صغار المودعين أي مئات ألوف المواطنين.

وبالمقارنة مع أحداث “انترا” هنالك وجه شبه ثالث أنّ مصرف لبنان عام 1966 كان ضعيفاً في مواجهة الوضع وتعثر القطاع المصرفي وإفلاس مصارف بالجملة وهذا يشبه الوضع اليوم أنّ مصرف لبنان هو ضعيف جداً في لجم المصارف وكبار المودعين.

في العام 1966 كان المصرف (مصرف لبنان) ضعيفاً لأنّه كان جديد وافتتح أبوابه في شباط 1966 أي قبل ازمة “انترا” بشهور ولذلك كان الفشل نصيبه.

أما اليوم الموقف ضعيف لأنّ حاكم المصرف المركزي وضع سياسة تخدم المصارف وكبار المودعين ووقع في شر أعماله لأنّ الأزمة وقعت لا محال وهو في موقف المتفرّج والبنوك لا تكترث لما يقول ويصرّح ويطمئن.

ما يحدث اليوم يؤهل لتعثّر عدة مصارف في الأسابيع المقبلة وربما تكون مصارف كبيرة. بحسب “كمال ديب” الذي أنجز كتاباً عن إفلاس بنك “انترا”.

إذاً هناك ثلاثة مخاطر قد تصيب البنوك التجارية الكبرى في لبنان: الأول هو فقدانها لسيولة غب الطلب ومواصلتها في مخالفة القوانين الأساسية في العمل المصرفي وأبرزها تلبية فورية لطلبات الزبائن. وثانياً فقدان ثقة الداخل والخارج والمودع سيعد للعشرة قبل أن يثق بمصرف لبناني، في حين أن كبار المودعين يخضعون لمساءلة محلية وغربية حول مصادر أموالهم.

ويؤكد البروفسور ديب في ختام حديثه لموقع رادار سكوب “بحسب المعطيات التاريخية والحالية أن هنالك احتمال من تكرار ما حصل بلبنان في العامين 1967 و1968 من اقفال لعدد كبير من المصارف اللبنانية ودخول ملفت لمصارف أجنبية وهذه المرة قد تكون أوروبية وعربية خليجية”.

“ردار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى